إعداد: فادية عمار
تخيّل وجهة تأسر حواسك بجمالها الطبيعي، وتغمر روحك بدفء شعبها، وتروي شغفك بالتنوع الثقافي والتاريخي… إنها سريلانكا، جوهرة المحيط الهندي المخفية، التي تنتظرك لتكتشف سحرها المتجدد في كل زاوية. من الشواطئ الذهبية إلى المرتفعات الخضراء، ومن المعابد العريقة إلى رحلات السفاري المشوّقة، تقدم سريلانكا تجربة سياحية لا تُنسى تجمع بين المغامرة والاسترخاء. إنها الوجهة المثالية لعشاق الطبيعة، ومحبي التاريخ، والباحثين عن لحظات استجمام استثنائية وسط مناظر خلابة ونكهات آسرة. دع سريلانكا تأخذك في رحلة تتجاوز التوقعات… حيث تبدأ الحكاية في كل خطوة. كولومبو: قلب الجزيرة النابض
تشتهر كولومبو بأنها الوجهة المثالية للاسترخاء واستعادة الطاقة قبل استكشاف أجواء المدينة النابضة بالحيوية. يمكن لزوار المدينة اختبار مهاراتهم في التفاوض على أفضل سعر داخل سوق بيتا العريقة، حيث تعبق الأجواء برائحة عطور العود وتزدان الرفوف بالأواني الزجاجية الفينتاج والقطع التراثية النادرة. كما يمكنهم اكتشاف علامات محلية مستدامة في سوق غود ماركت الشهيرة بكولومبو. أما عشّاق الأجواء الرومانسية، فسيتسنّى لهم الإبحار عند الغروب على متن قارب كاتاماران، أو الانطلاق في رحلة بحرية باتجاه خليج ميريسا الخلّاب، حيث قد تتراقص الحيتان الزرقاء تحت سطح المياه. ولتجربة طعام محلية أصيلة، لا بدّ من زيارة حي هالفتسدروب الذي يشتهر بتقديم شوربة النخاع مع قطعٍ من لحم الخروف، وفطائر العدس المقلية والمغطاة بالروبيان، إلى جانب أطباق الأرز الشهية المطهية داخل أوراق الموز والمعروفة باسم لامبريس.
كالوتارا: ملاذٌ طبيعي منقطع النظير
تبعد مدينة كالوتارا مسافة قصيرة بالسيارة عن كولومبو، لكنها لا تزال وجهة خفيّة لا يعرفها الكثيرون، على الرغم من طبيعتها الساحرة التي تنبض بالجمال والهدوء. يمكنك أن تبدأ رحلة استثنائية عبر الزمن بزيارة كهف فا هين الذي يُعتبر أحد أقدم المستوطنات في آسيا. بعدها، مشاهدة الشلالات المتدفقة في دوداندوا، أو التوجّه إلى معبد كالوتارا بوديا البوذي الذي يتربّع على ضفاف النهر. ولعشّاق المغامرات حصّتهم أيضاً، حيث يمكنهم الغوص بين الشعاب المرجانية النابضة بالحياة وحطام السفن القديمة التي تحكي قصصاً من الماضي. وعند العودة إلى اليابسة، يمكن للزوار التلذذ بأشهى المأكولات البحرية في الأكشاك الشاطئية التي تقدّم الكركند الطازج، أو التوقف عند أحد الأكشاك المنتشرة على الرصيف لتذوّق جوز الهند الملك المفعم بنكهة حلوة شهية. ويمكن لزوار كالوتارا الانطلاق إلى مدينة أمبالانغودا، مهد فنّ صناعة الأقنعة السريلانكية التقليدية، قبل متابعة الطريق إلى منطقة هيكادوا التي تشتهر بأجوائها الليلية الحيوية، وشواطئها المثالية لرياضة ركوب الأمواج، فضلًا عن معالمها التاريخية والثقافية التي تشمل معبد كوماركندا فيهارا القابع على تلةٍ وسط إطلالات بانورامية أخّاذة.
بينتوتا: ملاذٌ يزاوج ما بين جمال الطبيعة وفنّ العمارة
تابِع رحلتك الساحلية وصولاً إلى مدينة بينتوتا، حيث يلتقي نهر مزدان بأشجار القرم بالمحيط في لوحة طبيعية ساحرة، وتنتشر الجزر الصغيرة المجهّزة بمستشعرات لمراقبة جودة المياه، والتي تحتضن مجموعة من الكائنات البرية الفريدة مثل القط صيّاد السمك وطائر مالك الحزين. وتحمل المدينة بصمات المهندس المعماري الأشهر في سريلانكا، جوفري باوا، بدءاً من منتجع إن إتش بينتوتا سيساندز الذي جرى ترميمه وتأثيثه بأسلوب معاصر، مروراً بفندق لونوغانغا إستيت الذي يشكّل تحفة فنية تعبّر عن فلسفة باوا، وصولاً إلى حديقة بريف الغنّاء التي صمّمها شقيقه الأصغر، بيفيس باوا، بأسلوب لا يقل إبداعاً. ولعشّاق الهندسة المعمارية، لا تكتمل الرحلة من دون زيارة قلعة ريتشموند التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية وتُخبئ بين جدرانها قصصاً عابقة بالرومانسية والحنين. وعلى شاطئ بينتوتا، يجِد محبّو التشويق والمغامرة مجموعة متنوعة من الرياضات المائية الممتعة، بينما يستمتع عشاق الطبيعة بمراقبة السلاحف الصغيرة وهي تعود إلى أحضان المحيط، داخل محمية السلاحف البحرية. أما هواة الطيران، فسينطلقون في رحلة عبر التاريخ في متحف سريلانكا للطيران الذي يحتضن مجموعة مدهشة من الطائرات القديمة ويبعُد مسافة قصيرة بالسيارة عن الشاطئ.
تانجالي: مرتعٌ الهدوء لعشاق المواقع التراثية
خلال الرحلة لا بدّ من التوقّف عند حصن جالي التاريخي والمُدرج على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. هناك، يمكن للسيّاح والزوار اكتشاف البوتيكات الساحرة، ومتاجر التوابل، والمقاهي الأنيقة التي تتناثر بين جدران عمرها مئات السنين. بجوار الحصن، تقع مصانع سوريا للنسيج، حيث يمكن للزوار مشاهدة الحرفيين المهرة وهم يحيكون السارونج والساري والوشاحات المطرّزة بالألوان الزاهية، لتشكّل تذكارات رائعة تحمل عبق الثقافة المحلية.
وكلما اتجهتم جنوباً نحو تانجالي، يغمركم إحساس بالسكينة إذ تبتعدون تدريجياً عن صخب المدينة وصولاً إلى ملاذ طبيعي هادئ، حيث تعشش السلاحف البحرية بأمان على الشاطئ في إطار مشروع ريكاوا للحفاظ على السلاحف، وتنتشر الطيور على أنواعها في محمية كالاميتيا. أما عشّاق المغامرة والاستكشاف، فبإمكانهم الانطلاق في رحلات سفاري شيّقة داخل منتزه يالا الوطني أو منتزه أوداوالاوي الوطني، أو التجذيف بقوارب الكاياك عبر البحيرات الساحلية الهادئة، أو التنزّه في الدروب المؤدية إلى معبد صخرة مولغيريغالا للاستمتاع بإطلالات بانورامية تخطف الأنفاس من أعالي التلال. كما بانتظار ركّاب الأمواج مغامرة من نوع آخر في خليج هيريكيتيا وشاطئ ميديلا. ولا تكتمل الأمسية من دون المشروبات المنعشة والمأكولات البحرية الطازجة، وسط إطلالات ساحرة على الساحل الجنوبي المتلألئ للجزيرة. في رحلتك القادمة، تأكّد أنك ستخوض تجربة استثنائية تنقلك إلى أجمل المواقع التي تحتضنها سريلانكا، حيث تكون مدعوّاً لاكتشاف كرم الضيافة السريلانكية، وتذوّق نكهات مطبخها الفريدة، واكتشاف أسرارها الثقافية والطبيعية. فمن صخب العاصمة كولومبو التي تنبض بالحياة، إلى شواطئ تانجالي التي تنعم بالسكينة، كل لحظة هي بداية حكاية جديدة لا تُنسى.





