سيريلانكا – د.جمال المجايدة : وصلت الي مطار كولومبو في رحلة الاولى الى سريلانكا لاستكشاف تلك الجزيرة الخضراء في قلب المحيط الهندي , كانت في استقبالي رادهيني اليس والتي انهت اجراءات الدخول بسرعة وقدمتني الي المرشد السياحي هاثيسا دي سيلفا , الذي رافقنا طوال الرحلة .
توجهنا بالسيارة من المطار مباشرة الي مدينة بينوالا الجبلية الخضراء لكي نشاهد قرية الفيلة في الصباح الباكر , كانت الساعة صباحا يوم الاربعاء الموافق 3 اغسطس 2005 لنبدا يومنا مع فيلة سيريلانكا والذين كانوا يتناولون الافطار قبلنا والافطار هو مجرد اشجار واغصان وجذوع اشجار عملاقة فقط .
كل شي اخضر حولنا في الطريق لزيارة ملجأ الفيلة في Pinnawela الذي شيد عام 1975 لحماية الفيلة المصابة والمهجورة. ويصل عدد الفيلة المصابة في الملجأ 65 فيلاً من بينهم 17 طفلاً من الفيلة ولدوا هناك .
كبار الفيلة لم يكونوا مسالمين في لحظة الاقتراب من صغارهم خشية عليها ولذلك كلما اقترب احد من الزوار لالتقاط الصور تحركت الفيلة الي وضعية الهجوم ليتدخل الحراس والمرافقين علي الفور والذي لديهم لغة يفهمها الفيلة جيدا ! والاجمل بعد الافطار هو جولة الفيلة للاستحمام في النهر المجاور!
الجمال في “كاندي”!
الطريق الجبلي المتعرج من ” ايليفانت اورفانيج ” الي مدنية كاندي العاصمة الثقافية والتاريخية لسيريلانكا استغرق اكثر من ساعتين , الي ان وصلنا الي فندق ” سيتيدال ” الواقع مابين حضن الجبل و النهر مباشرة , لاستراحة قصيرة قبيل مواصلة البرنامج .
الطبيعية تتجلي في ابهي صورها حولك في “كاندي” التي كانت عاصمة ملوك سيريلانكا السابقين – أي قبيل الاستعمار البريطاني للجزيرة- غير ان المدينة التي تحيا علي ايقاع حركة السياحة بحاجة الي ضخ المزيد من الاموال لبناء شبكة الخدمات والطرق والحد من تدفق السيارات المتهالكة من اجل الحفاظ علي الطبيعة وراحة المسافرين الي المدينة .
رحلة بعد الظهر الى البحيرة العليا وزيارة معبد Tooth Relic بالإضافة إلى محلات الفنون والحرف اليدوية .
كانت كاندي آخر معاقل ملوك سيرلانكا نظراً لأنها محاطة بالغابات والتلال ونهر Mahaweli. و تعتبر اليوم مركزاً للبوذية وتعرف بالمدينة المتدينة التي لاتقبل الفساد والانحراف الاخلاقي وهي ايضا مركزا للحرف اليدوية التقليدية.
معبد Tooth Relic وهو معبد للبوذيين في سيرلانكا والعالم.
ويلاحظ الزائر الي المدينة في المساء ان كاندي تعتبر أحد أهم المقدسات نظراً لإحتوائها على معبد Dalada Maligawaومعبد Tooth Relic .
غير ان اجمل ما رحلة المساء هي فقرات رقص فلكلورية التي تقام في المركز الثقافي وغالبا مايكون الجمهور من السياح الاجانب فقط وتقدم خلالها الفرق المحلية عدة رقصات سيرلانكية بالاضافة الي العاب بهلوانية مثل الشاب الذي يمشي علي حوض مغطي بجمر النار الحمراء او ذلك الشاب الذي يضع السنة اللهب في فمه ويمررها بهدوء علي جسده النحيل من اجل امتاع الجمهور !
في اليوم الثاني للرحلة وبعد الإفطار زرنا الحدائق النباتية الملكية Peradeniya أنشأت في العام 1374 لإمتاع ملوك كاندي وتحتوي هذه الحدائق الممتدة على 147 هكتار على أكثر من خمسة آلاف نوع من النباتات والأشجار، غير ان المتعة هناك تكتمل بمشاهده القرود الذين يعيشون بين الاشجار العملاقة و بزيارة حديقة التوابل وبيت الأوركيدا ايضا .
في ارض الشاي !
في اليوم الثالث توجهنا الي مدينة نوارا ايليا إلى Nuwara Eliya التي تبعد عن كاندي 170 كلم مترا غير ان الوصول اليها بالسيارة يستغرق اكثر من خمس ساعات بسبب وعورة الطريق, وفي منتصف الطريق توقفنا في استراحة خاصة بمصنع للشاي يتوسط مرازع الشاي اليانعة وسط الجبال , وبصراحة كانت هي المرة الاولي في حياتي التي ازور فيها مصنع ومزارع الشاي . غير ان المراحل التي يبدأ فيها تصنيع الشاي منذ لحظة قيام القرويات بجني اورواق الشاي الطرية الخضراء في اكياس او سلال علي ظهورهم الي تجفيف الشاي وطحنه وفرزه علي درجات وفق طلب المستهلكين ثم تعبئته كلها تثير الاهتمام . والاجمل بصراحة هو السير وسط مزراع الشاي في الجبال فيما القرويات حولك يجمعون الاوراق الطرية مقابل ثلاثة دولارات في اليوم الواحد لكل فلاحة منهن , ورائحة الزرع هي الشاي فقط فيما الجو البارد والشمس المعتدلة جدا تملؤك شعورا بالحيوية والدهشة .
ومزارع الشاي في سيريلانكا تغطي اكثر من 70% من جبالها الخضراء علي اعتبار ان الشاي هو المصدر الاول للدخل القومي هناك ويقال انه تم زرع الشاي لأول مرة في سيرلانكا عام 1824 في الحدائق النباتية في Peradeniya من شتلات أحضرت من الصين ومن ثم من Assam في العام 1839. وفي العام 1867 قام الاسكتلندي James Taylor بزراعة الشاي على 8 هكتار في أراضي الغابة في Loolcondura. بدأت سيرلانكا في تصدير الشاي عام 1873 بكميات قليلة لا تتعدى 23 رطل لتزيد إلى 258 مليون كيلو في عام 1996. اخيرا وصلنا الي مدينة
Nuwara Eliya التي تعتبر إنجلترا الصغيرة في سيرلانكا وهي محاطة بمناظر خلابة من الجبال والوديان والشلالات ومزارع الشاي.
كولومبو .. القلعة !
في ختام الرحلة لابد من العودة الي كولومبو العاصمة التجارية لسيريلانكا , غادرنا نوارا ايليا في الصباح لنتوقف ظهراً في استراحة قصيرة في مدينة Kithulgala الجبلية المغطاة بمزارع الشاي والخضار بانواعها , غير ان اللافت للنظر هو ذلك المشهد الممتد فوق جسر نهر Kwai حيث تتدفق الشلالات من اعلي الجبال الي الاودية السحيقة لتعطي افق ملئ بالروعة والجمال , ويقال ان العديد من مخرجي الافلام السينمائية يذهبون الي هناك لاضفاء مشاهد طبيعية علي افلامهم .
وصلنا الي كولومبو وتحديدا الي فندق ترانس اسيا القريب من المحيط الهندي حيث اقمنا في تلك الليلة .
بدأت الجولة في العاصمة كولومبو التي كانت تبدو في بعض الاماكن وكانها قلعة اوثكنة عسكرية لشدة الاجراءات الامنية خشية وقوع اعمال ارهابية انتقامية يقوم بها المتمردين التاميل او ارهابيين اخرين . في البداية قمنا بزيارة إلى قلعة Pettah المنطقة التجارية في المدينة وكذلك زيارة إلى المناطق الراقية وحدائق القرفة القريبة من العاصمة التجارية , و الزيارة إلى قلعة Pettah يتخللها زيارة إلى المعبد الهندوسي في شارع البحر والمليء بمحلات الصاغة , ثم زيارة اخري للكنيسة الهولندية في Wolfendaal والتي شيدت عام 1749 وجولة في مسجد Davatagaha التاريخي وقاعة الإستقلال وميدان الإستقلال حيث تمثال بوذا الشهير .