سالونيك – د.جمال المجايدة
وصلنا الي مدينة سالونيك عصراً قادمين اليها بالسيارة من ألبانيا مرورا بمقدونيا وجدتها للوهلة الأولى مدينة ..نابضة بالحياة، تعج بالحركة وخاصة في ساحة ارسطو والكورنيش الجميل الذي يلف المدينة جهة بحر أيجه والبرج الأبيض ونصب الاسكندر المقدوني الأكبر .
تقع سالونيك في شمال اليونان وهي ثاني أكبر مدينة في اليونان، وتعتبر فسيفساء فريدة من الثقافات والحضارات المختلفة، حيث تتمتع بالتاريخ الغني والكثير من الأماكن الساحرة التي يرجع تاريخها في الغالب إلى العصر الروماني والبيزنطي..
تركنا السيارة في الفندق وسط المدينة وعدنا مشياً على الاقدام على الكورنيش الجميل وصولاً الي ساحة أرسطو الأكثر إثارة للإعجاب ,مع ما تتمتع به من مباني ذات هندسة معمارية رائعة مستوحاة من الانماط الأوروبية، ذلك فضلا عن كونها موطنا للكثير من المعالم السياحية الهامة والمطاعم والفنادق التي تقع على بعد مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام من هذه الساحة.
وتعد ساحة أرسطو مكاناً رائعاً لتناول القهوة والمشروبات والقيام بنزهة بحرية على السفن التقليدية والسفن السياحية الحديثة، ليلاً، حيث تشتهر سالونيك بالحياة الليلية المفعمة بالحيوية والنشاط. ويزدحم الميدان بالمتنزهين اعتبارا من أواخر النهار، وحتى منتصف الليل تقريباً
تم تصميم هذا المربع الرئيسي للمدينة في عام 1918 من قبل المهندس المعماري الفرنسي إرنست هبرارد، وفي هذا المكان الجميل سيكون بإمكانك الاستمتاع كثيرا ما بين مباني هذه الساحة الموجودة اليوم، بما في ذلك فندق إلكترا ومسرح السينما، علاوة على التنزه بين الشوارع الضيقة والمرصوفة بالحصى مع تناول أجمل المأكولات المحلية بالمطاعم التي يفوح من أركانها عبق التاريخ، ولا يفوتك الفيام بجولة سيرا على الأقدام هنا بعد غروب الشمس لتستمتع بأجواء فريدة تمزج ما بين الرومانسية والهدوء .
روعة الطعام !
بعد الجولة الاستكشافية توجهنا الي مطعم يوناني اصيل يقدم الاطباق المحلية فقط حيث تتميز سالونيك واليونان عموماً بجودة الطعام وتنوعه، الاطباق الشهية التي تناولناها على العشاء مدهشة وطعمها لاينسى , حيث يتميز المطبخ اليوناني عموماً بالثراء الكبير والاهتمام بالكثير من التفاصيل في تنوع الطعام وطريقة تقديمه، والوجود القوي للسلطات والخضراوات، والأسماك والمأكولات البحرية وغيرها.
بعد العشاء تجولنا في شارع تسامسكي في وسط المدينة، والذي يعد إلى حد بعيد الشارع التجاري الأكثر شهرة في المدينة مع المئات من متاجر الأزياء والبوتيكات والعلامات التجارية الشهيرة،
في صباح اليوم التالى زرنا المتحف التاريخي ويضم هذا المتحف القطع الأثرية التي تعود لأربع من أهم الفترات التاريخية الأثرية لمدينة سالونيك والأقسام المحيطة بها من مقدونيا، وعلاوة على روعة تصميم المبنى نفسه والمبني على الطراز المعماري اليوناني الحديث، يضم أيضا المتحف مجموعة لا تقارن من القطع الأثرية والمقتنيات التاريخية الرائعة التي تمثل الفترات الهلنستية، الكلاسيكية والرومانية، فضلا عن ذلك يولي المتحف اهتماما خاصا بالطرق التاريخية التي استخدم فيها المقدونيون القدامى الذهب كزينة. وبما أن المدينة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، هناك أيضا قسم يحاول إعادة بناء صورة للمنطقة في ذلك الوقت،
تبعد سالونيك عن أثينا مسافة تبلغ نحو 500 كم، وتعتبر ثاني أكبر مدن اليونان من حيث التعداد السكاني بعد العاصمة أثينا، حيث يتجاوز عدد سكانها مع ضواحيها المليون نسمة، وبالتالي تكون ثاني أكبر مدينة يونانية من حيث عدد السكان بعد العاصمة أثينا. كما تعتبر ثاني أكبر مركز صناعي، وتجاري، واقتصادي، وسياسي في اليونان، وهي مركز مواصلات مهمّ في جنوب شرق أوروبا.
وتعتبر سالونيك من أقدم المدن الأوروبيّة، حيث يعود تاريخ بنائها إلى سنة 315 قبل الميلاد على يد كاسندر ملك مقدونيا القديمة.
آثار تاريخية
تحتوي سالونيك على العديد من المزارات والآثار التي يعود تاريخها إلى الفترات الهلنيستية والرومانية البيزنطيّة، والعثمانيّة، ومعظمها مدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالميّ.
وخلال الفترة الرومانية ازدادت أهمية المدينة بعد سقوط مقدونيا القديمة سنة 168ق.م بيد الرومان، وبشكل خاص عند قيامهم ببناء طريق إغناتيا الذي ربط ما بين القسطنطينية وروما، وبالتالي أصبحت المدينة محطّة تجارية مهمّة جعلت منها عاصمة لمقاطعة مقدونيا الرومانيّة.
وفي الحقبة البيزنطية والقرون الوسطى أصبحت المدينة في عهد ثيودوسيوس الكبير – في الفترة ما بين 379 إلى 395م – عاصمةً لإقليم إلليريكوم وجزءاً من الإمبراطورية الرومانية الشرقية، كما أصبحت مركزاً كنسياً وقاعدةً للحملات الإمبراطورية ضد القوط.
وفي سنة 1185م احتلّها ملوك صقلية ودمّروها، وبعدها بعام استعاد البيزنطيون السيطرة عليها.
وفي سنة 1204م سيطر عليها الصليبيون وتأسّست فيها مملكة ثيسالونيكا اللاتينيّة، وحاول اليونانيون استعادتها عدّة مرات ونجحوا في عام 1222م.
وفي أواخر القرن الرابع عشر سيطر عليها العثمانيّون مرتين متتاليتين لكنهم أُخرجوا منها على يد البيزنطيين، لكن في عام 1430م سيطروا عليها بشكل نهائيّ في عهد السلطان مراد الثاني، وخلال هذه الفترة استعادت المدينة هيمنتها كمركز تجاري.
وتعد المدينة واحدة من أقدم المدن في أوروبا. فهي مدينة تجارية مزدهرة، وبوابة لكثير من دول البلقان.
هيبتابيرجيون
على الرغم من أنها يطلق عليها عادة قلعة الأبراج السبعة، هيبتابيرجيون معروفة أيضا باسمها العثماني يدي كيول، وهي قلعة جميلة تقع في الركن الشمالي الشرقي من أكروبوليس المدينة، ويعتقد أن أبراجها الشمالية تعود إلى تحصين المدينة في أواخر القرن الرابع، في حين يعتقد أن أبراجها الخمسة الجنوبية قد بنيت في القرن الثاني عشر، وفي العام فقد كانت هذه القلعة بمثابة منشأة عسكرية حتى أواخر القرن التاسع عشر ثم تحولت على مدى 100 سنة كسجن. أما اليوم، هيبتابيرجيون منطقة جذب سياحي شعبية، ويرجع ذلك جزئيا إلى ما تقدمه للزائرين من مناظر طبيعية رائعة على المدينة ومرفأها .
نيا بارليا
تمثل هذه الواجهة المائية الكبيرة للمشاة في المنطقة الحضرية الشرقية من سالونيك واحدة من أفضل المشاريع العامة في اليونان في السنوات العشرين الماضية، ورغم كونها صغيرة في العمق ولكنها طويلة جدا، حيث يمتد الكورنيش لحوالي 3،5 كم من البرج الأبيض إلى ميغارو موسيكيس ويوفر مساحة كبيرة بين البحر والمدينة، حتى أصبحت نيا باراليا أحد أكثر المواقع شعبية بين السائحين للتنزه في سالونيك، خاصة مع يقدمه هذا الموقع من خدمات رائعة، تبدأ من تأجير الدراجات والقوارب على طول الشواطىء، فضلا عن وجود عدد من المطاعم اللذيذة والمقاهي النابضة بالحياة .
كما التقطنا الصور عند قوس غاليريوس (أو كامارا) هو على الأرجح الهيكل الروماني الأكثر تميزا في سالونيك، كما أنه أحد مناطق الجذب الأكثر شعبية في ثيسالونيكي جنبا إلى جنب مع البرج الأبيض، فقد تم بنائه بتكليف من قبل الإمبراطور جاليريوس من أجل الاحتفال بالانتصار ضد الفرس الساسانيين في 298 م والاستيلاء على عاصمتهم كتيسيفون.
البرج الأبيض
والاستراحة كانت ضرورية تحت جدار البرج الأبيض الذي يعتبر برج الواجهة البحرية البيضاء فهو رمز لمدينة سالونيك، ويعود الهدف من بنائه في الأساس للدفاع عن المدينة في العهود البيزنطية والعثمانية، فيما يضم البرج الأبيض اليوم متحف واسع يستعرض الحياة اليومية لسالونيك في عصور مختلفة، بالإضافة إلى عدد من القطع الأثرية الرائعة التي تحظى بقبول واسع من الزائرين من سائحي وقاصدي هذه المدينة الرائعة
تقع سالونيك على ساحل بحر إيجه وتعود تسميتها إلى كاسندر ملك مقدونيا القديمة الذي أسس المدينة وأعطاها اسم زوجته ثيسالونيكي (Thessaloniki) التي كانت الأخت غير الشقيقة للإسكندر المقدوني، ومعنى الاسم هو «النصر في ثيساليا”
ويوجد لاسم المدينة عدة تحريفات لفظية فهو ثيسالونيكي (Thessaloniki) كما باللغة اليونانية الرسمية، أو فقط «سالونيكي» بالعامية اليونانية، أو «سلانيك» باللغة التركية. بينما تدعى في أغلب اللغات الأوربية «سالونيكا» وباللغات السلافية «سولون” .