باكو – د.جمال المجايدة :
خلال رحلتي الى أذربيجان زرت جبل النار في شبه جزيرة أبشوزان والذي يبعد عن العاصمة باكو قرابة 30 دقيقة بالسيارة , ولطالما سمعت وقرات عن جبل النار الذي يعرف باسم “ينار داغ ” باللغة المحلية , ولكنني لم اكن أتوقع ان يكون بهذه الصورة المثيرة , فحسب روايات العاملين في المكان فان النار مشتعله فيه من 2000 عام قبل الميلاد ! ، ولم تتأثر بهبوب الرياح، أو هطول الأمطار، أو تساقط الثلوج. فما هو سر هذه الظاهرة العجيبة؟
رغم برودة الطقس واشتداد الرياح لحظة وصولنا الى جبل النار الا انني حرصت على الاقتراب كثيرا من الشعلة، وهي ترقص بلا هوادة، على امتداد التل البالغ ارتفاعه 10 أمتار، مما جعلني اشعر بالدفئ قليلا في تلك اللحظة .
ويعدّ “ينار داغ”، أحد مصادر أذربيجان العديدة لاحتياطيات الغاز الطبيعي الوفيرة، والتي تتسرب إلى السطح، وهو واحد من العديد من الحرائق التي تحدث تلقائياً، والتي فتنت زوار أذربيجان عبر آلاف السنين.
وقد كتب المستكشف ماركو بولو عن هذه الظاهرة الغامضة عندما مرّ بأذربيجان في القرن الثالث عشر. كما تناقل تجار طريق الحرير العديد من الأخبار عن الشعلة أثناء سفرهم.لهذا، عُرفت أذربيجان بلقب “أرض النار”.
وكانت مثل هذه الشعلات وفيرة في أذربيجان، ولكنها أدت إلى انخفاض ضغط الغاز تحت الأرض، مما يتعارض مع استخراج الغاز التجاري،لذلك أُخمدت.
و”ينار داغ” هي إحدى الشعلات القليلة المتبقية، وربما هي الأكثر إثارة للإعجاب.
في وقت من الأوقات، لعبت الشعلة دوراً رئيسياً في الديانة الزرادشتية القديمة، والتي تأسست في إيران، وازدهرت في أذربيجان في الألفية الأولى قبل الميلاد.
وبالنسبة للزرادشتيين، فإن النار هي حلقة الوصل بين البشر والعالم الخارق، وهي وسيلة يمكن من خلالها اكتساب البصيرة الروحية، والحكمة. وهي تعد بمثابة تطهير، واستمرار الحياة بالإضافة إلى كونها جزء حيوي من العبادة.
سر شعلة “ينار داغ”
وعلى الرغم من استمرار شعلة “ينار داغ”، إلا أن البعض يرى أن هذه الشعلة بالذات قد التهبت فقط خلال الخمسينيات، غير ان الأساطير القديمة تناولت الكثير من الروايات والحكايات، وكلها من نسج الخيال المثير , فالنيران تشتعل في هذه القمة الجبلية الملتهبة تقريباً منذ 2000 عام قبل الميلاد. وهو يقع في قرية من قرى أبشوزان شمال دايجيه Digah وتعتبر شبه جزيرة مطلة على بحر قزوين.
وهي أقدم نار مشتعلة دون انقطاع عرفها الإنسان!! ومن هنا اكتسب جبل النار في باكو شهرته الواسعة واصبح من معالم السياحة في اذربيجان
إذا ما اقتربت من جبل النار في باكو ستجد حائطاً من ألسنة النار المتطايرة من جانب التل، وهذا ما يبدو غريباً فعلاً حيث سترى ألسنة النار التي يفترض أنها تشتعل بسبب تسرب للغاز من باطن الأرض.
وكان يرجع تفسير هذه النار وفق الثقافة السائدة أنها نيران مقدسة نظراً لأنهم كانو من عبدة النار قبل الفتح الإسلامي، ولكن بعد التطور واكتشاف حقول الغاز والبترول فيه تبيّن سبب اشتعاله المستمر.