باكو – اذربيجان – د.جمال المجايدة :
الزيارة الى باكو عاصمة أذربيجان تتيح لك قراءة التاريخ العريق لتلك الدولة الواقعة على بحر قزوين وجبال القوقاز , والعاصمة الجميلة التي تفتح شهية الزائر للحياة لها أيضا امتداد تاريخي طويل , فبعد وصولي الى العاصمة قبل أيام توجهت سيرا على الاقدام الي باكو القديمة ذات السور التاريخي , فهي مدينة بنيت على موقع مأهول بالسكان منذ العصر الحجري على تعاقب وتفاعل عدة ثقافات وحضارات، هي الزرادشتية والساسانية والعربية والفارسية والشِروانية والعثمانية والروسية، وإسهامها في النسق الثقافي الذي يميز هذه الحاضرة واستمراريتها الثقافية. وقد حافظت المدينة الداخلية (إتشيري شيهر) على جزء كبير من أسوارها الدفاعية التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر للميلاد. ومن صروحها الشهيرة قلعة العذراء (قز قلعة-سي) التي بنيت في القرن الثاني عشر على أسس ركائز تعود إلى القرنين السادس والسابع قبل الميلاد، وقصر الشروانشاهيين الذي بني في القرن الخامس عشر والذي يُعتبر من عيون العمارة في أذربيجان.
وتُعد المدينة الداخلية المسورة من المدن القليلة التي ترجع للقرون الوسطى و التي بقيت قائمة في أذربيجان. فهي تتسم بكل الخصائص التي تميز المدينة مثل متاهة الأزقة الضيقة والمباني المزدحمة والساحات الصغيرة. وقد قام منو چهر شاه في القرن الثاني عشر ببناء أسوار المدينة القديمة، التي ما تزال باقية في الجانبين الغربي والشمالي. وجرى اصلاح هذه الأسوار وترميمها في القرن التاسع عشر .
برج العذراء في باكو القديمة
برج العذراء ” مايدن “يقع في المدينة القديمة في باكو عاصمة أذربيجان بني في القرن 12 بعد الميلاد وهو جزء من سور باكو مع قصر شرفانشاهات ويتواجد بها بقايا تعود إلى القرن 15. في عام 2001 وضع في لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو. وتشير بعض المصادر العلمية إلى أن برج العذراء هو مثال أساسي للزرادشتية والهندسة المعمارية قبل الإسلام في إيران وأذربيجان. توجد أدلة أثرية ومعمارية بأن البرج هو معبد حريق برج الزرادشتيين، الذي كان له 7 مخارج للنار على الجزء العلوي من البرج.
هناك أسطورة معروفة عن هذا البرج الجميل والقديم فوفقا للأسطورة أراد ملك أن يتزوج من ابنته فخجلت الفتاة من هذه النية وطلبت منه أن يبني برجا حتى توافق على الزواج في أسرع وقت، وبالفعل بنى والدها البرج فما كان منها إلا أن صعدت فوقه وانتحرت بالقفز من أعلاه.
ايشري شهر
امضيت وقتا طويلا وانا اتجول بين جنبات أسوار مدينة باكو القديمة المسماة (ايشري شهر) التي لاتزال محافظة على القها القديم، شيدت على شاكلة حصون وقلاع القرون الوسطى تاخذ الزائر إلى عهود الازدهار التاريخي التي شهدتها المدينة في عصورها القديمة. وما تبقى اليوم يعود إلى زمن الخانات الذين حكموها، وأبدعوا أبنية معمارية بقيت إلى اليوم محافظة على رونقها وبهائها، و الحارة القديمة المحيطة بالمجمع، بأزقتها الضيقة التي تشبه حارات كثيرة ضيقة في مدن عربية وإسلامية شرقية،
في وسط باكو لابد من المرور بشارع خاطاي حيث توجد الحديقة العامة وكورنيش العاصمة الجميل على بحر قزوين ، وحيث يقع مسجد الجمعة هذا الذي أمر ببنائه الشاه عباس الصفوي بطرازه المعماري الفارسي اللافت، الذي يعود تاريخ بناءه إلى عام 1620، ويدعى مسجد ( تاتلار)، بمئذنتيه التوامين والذي يعتبر اليوم ابرز معالم المدينة الاسلامية، تحيط بموقع المسجد الساحة العامة التي تتوزع فيها مبان تعود إلى طرز البناء التي كانت سائدة في ابان العهد السوفييتي البائد. تعتبر هذه الساحة مركزا لتجمع اهالي المدينة في المناسبات بل وحتى في الايام العادية، وتزدان الساحة بالحدائق ونوافير المياه الجميلة .