بورتو – البرتغال – د.جمال المجايدة :
وصلنا الي بورتو ليلا قادمين اليها من لشبونة واقمنا في فندق ذا يتمان THE YEATMAN المدينة الفاخرة وكانت شرفة غرفتي علي النهر مباشرة لكي اصبح وجه المدينة القديمة عند شروق الشمس , ياله من مشهد يخطف الالباب وسحر لامتناه في افق المدينة الحالمة التي اُشتق اسم البرتغال من اسمها / بورتو /، وهي ثاني أكبر مدينة في البرتغال بعد العاصمة لشبونة.
يطلق على المدينة في بعض الأحيان اسم أوبورتو، وتتميز بأنها مدينة قديمة تمكنت من ترسيخ مكانتها في عالم الصناعة اليوم.
في الصباح الباكر وبعد تناول الافطار في الفندق وصلت المرشدة السياحية لنبدأ جولة في المدينة التي تعج بالحياة والحركة , وقد شُيدت المدينة القديمة، الواقعة في حي ريبيرا، فوق التلال المطلة على نهر دورو، وأصبحت حاليًا أحد مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو. وتمثل كنيسة ساو فرانسيسكو التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر أحد أهم معالم الجذب السياحي في البرتغال، وتضم المدينة أقبية لنبيذ بورت المحلي الذي يقع أغلبها قبالة النهر في مدينة فيلا نوفا دي غايا .
بورتو او اوبورتو بالإنجليزية كما تعرف، هي من اقدم واجمل المدن الاوروبية الساحلية القديمة. ولهذا اعتبرت منظمة اليونسكو المدينة القديمة (منطقة ريبييرا -Ribeira) جزءا لا يتجزأ من التراث العالمي واعلنت عن حمايتها.
ويلاحظ الزائر الي بورتو انها مدينة هادئة يمكن السير فيها الاقدام بمتعة كبيرة فعدد سكانها يصل إلى 1,672,664 نسمة وهي تطل علي المحيط الاطلسي وتتميز بمناخ البحر الابيض المتوسط ايضا .
يتم التعرف على بورتو بإعتبارها مدينة عالمية على مستوى غاما من قبل العولمة و مدن العالم ، وكونها واحدة من خمس مدن في شبه الجزيرة الايبيرية تحظي بوضع المدينة العالمية ، ( اما المدن العالمية الآخري هي مدريد وبرشلونة ولشبونة و فالنسيا) .
تقع على طول مصب نهر دورو في شمال البرتغال ، وتتميز بورتو بإعتبارها واحدة من أقدم المراكز الأوروبية، وتم تسجيلها كموقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو في عام 1996 .
ترجع المواقع الاستيطانية فيها لقرون عديدة، عندما كانت موقعا للإمبراطورية الرومانية وقد أشار اسمها اللاتينية ، بورتوس كال ، على أنها الأصل لاسم ” البرتغال ” ، على أساس حرفي و التطور عن طريق الفم من اللاتينية .
بورتو من اصغر
واجمل المدن البرتغالية
تعتبر بورتو من اصغر واجمل المدن البرتغالية والاوروبية واجملها. لهذا تعتبر ثروة سياحية لا تعوض إذ انها تتمتع بأحوال جوية طيبة قريبة من احوال المتوسط وموقع جغرافي مهم على ضفتي نهر دورو والمحيط الاطلسي. ولذا تكثر فيها الدكاكين والمحلات التقليدية القديمة ومطاعم الماكولات البحرية. وهي من المدن البعيدة جدا عن الحركة السياحية الحديثة في البرتغال وجنوبه وخصوصا في «الغارف»، وتتمتع باجواء هادئة ومريحة نسبيا.
المدينة التي تعتاش على نهر دورو ملاصقة تماما للمنطقة التي تضمها وتضم مدينة براغا Braga، ومن المعروف ان المنطقة من اهم المناطق المنتجة لعدة أنواع من المشروبات المحلية الشهيرة , وكانت المدينة محطة تجارية وصناعية وثقافية مهمة في شمال البرتغال وخصوصا في قطاع الإنتاج الزراعي حيث يساهم النهر الشهير بنقل البضائع من القرى والبلدات المجاورة الى الخط الساحلي عبر المدينة منذ قديم الزمان. ولذا تعتبر الشريان الحيوي والرئيسي للمناطق الشمالية.
تاريخيا، تقول الحفريات الاخيرة إن المدينة كانت جزءا لا يتجزأ من الحضارة السلتية القديمة التي بنى الرومان على انقاضها حضارتهم الجديدة في القرن الرابع للميلاد. وظلت المدينة تحت السيطرة الرومانية بسبب اهمية مينائها البحري الى ان جاء العرب وايام الاندلس في القرن الثامن (عام 711) حيث اجتاح العرب والمسلمون شبه الجزيرة الإيبيرية. فقد كانت المدينة ايام الرومان نقطة وصل بين شمال البلاد والعاصمة لشبونة التي كانت تعرف آنذاك بـ «اوليشيبونا» Olissipona والمدينة المحاذية مدينة بارغا التي كانت تعرف قديما بـ«براكارا اوغستا» Bracara Augusta. وفي عام 868 قام المحارب فيمارا بيريس بتحرير جزء كبير من المدينة والمنطقة وطرد العرب والمسلمين منها وخصوصا المناطق الواقعة بين نهري دورو ومينيو. وكانت هذه المنطقة نواة تأسيس الدولة البرتغالية الحديثة، إذ كانت اول المناطق التي يطلق عليها البرتغال، وتحمل الشخصية البرتغالية التقليدية. واصبحت المنطقة لاحقا ايام الفونسو القشتالي مملكة البرتغال. وفي القرن الرابع عشر بدأ البرتغاليون يجربون حظوظهم مع افريقيا وشمالها وارسال السفن الإستكشافية وبدأت المدينة تلعب دورا كبيرا في حياة البرتغاليين اقتصاديا وعسكريا ومدنيا وثقافيا.
وقد اعتبرت المدينة عام 2001 عاصمة اوروبا الثقافية، في محاولة لاستعادة امجادها وانعاشها بعد سنوات طويلة من الإهمال والتجاهل. وتم بعد ذلك بناء قصر الموسيقى او ما يعرف بـ«كاسا دا موزيكا» من قبل المهندس المعماري الهولندي ريم كولاس عام 2005. ولا تزال المدينة ايضا مسرحا للمهرجان السينمائي الدولي السنوي المعروف «فانتاسبورتو» الذي يستقطب الكثير من مشاهير الفن السابع المحليين والدوليين. وقد تم تصوير وعرض اول فيلم سينمائي في المدينة عام 1896 في صالة «تياترو دو برنسيب ريال دو بورتو» المعروفة. ولان المدينة قديمة وبدأ الكثير من منازلها بالتآكل والانهيار، لم يبق من السكان سوى 100 الف نسمة، بسبب هجرتهم الى المناطق المحاذية. لكن المدينة لا تزال ضمن اهم ثلاث مدن برتغالية من الناحية الترفيهية. وتضم المدينة عددا من المتاحف والقاعات الموسيقية وقاعات السينما وصالات العرض الفني والمكتبات وغيره. ومن هذه المتاحف «ناشونال ميوزيام سواريس دوس ريس» National Museum Soares dos Reis، المسخر للفن البرتغالي الحديث بين القرن السابع عشر والقرن الواحد والعشرين. ومن قاعات الموسيقى الدولية الرائعة والجميلة معماريا وديكوريا والتي يصعب العثور على مثيل لها في اوروبا والعالم، قاعة «كوليسيو دو بورتو»Coliseu do Porto. وتعتبر القاعة مثالا صارخا على الفن البرتغالي ممثلا بالمهندس كاسيانو برانكو.
وتضم المدينة التي تعرف بمدينة الجسور لكثرة جسورها التي تصل ضفتي نهر دورو، ايضا اهم المكتبات الخاصة او محلات بيع الكتب المعروفة في اوروبا والعالم وهي مكتبة «ليلو» التي اعتبرتها جريدة الغارديان اللندنية منذ فترة ثالث اهم مكتبة في العالم. واضافة الى الجسور القديمة والمهمة التي تم بناؤها في القرن التاسع عشر او ايام الثورة الصناعية، هناك جسر «ارغابيذا»: الذي تم بناؤه في القرن الماضي الذي يحوي اكبر واضخم قنطرة اسمنتية داعمة في العالم.