سيؤل – د.جمال المجايدة : كوريا نهضت من الصفر , فهي دولة بلاموارد طبيعية علي الاطلاق , وقبل 50 عاما كانت دولة فقيرة وليست نامية , واليوم اصبحت دولة صناعية متقدمة تحتل المركز 11 بين الدول الصناعية في العالم ؟ لماذا ؟
الجواب ببساطة يجئ علي لسان الدكتورة سوه يومي مديرة ادارة التعاون التعليمي الدولي بوزارة التربية اثناء لقاء معها في سيئول: انه الاستثمار في الانسان وفي التعليم , فكرت الدولة منذ البداية ان توظف طاقاتها في تعليم الانسان للتغلب علي النقص في كل الموارد الاخري , ونجحت في التحول الي دولة صناعية اعتمادا علي الانسان الذي يقود قاطرة التقدم والتطور !
وتقول / كوريا تواصل اصلاح نظامها التعليمي والتربوي باستمرار وهي اليوم قادرة علي تقديم خبراتها التعليمية الي الدول النامية /
واضح ان الكوريون يهتمون بالتعليم كما تقول يومي وهذا شجع الدولة لان تضع رؤية جديدة للتربية والتعليم تستند الي الانترنيت والتقنية العالية , وهذا التطور التعليمي الكبير ادي الي ارتفاع نسبة الطلاب الكوريين في الجامعات الي 80% وهي من اعلي المعدلات في العالم .
هذا الاقبال الكبير علي الجامعات دفع الدولة الكورية لان تشيد 380 جامعة وكلية وان تخوض سباقا مع الزمن لكي تواصل تحسين نوعية التعليم .
ولان كوريا دولة صناعية فان توجهات الطلاب الجامعيين تتجه لدراسة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا والهندسة بكل اقسامها , ولذلك فان كوريا كما تقول الدكتورة يومي تركز علي التعليم الالكتروني لان خيار المستقبل للدولة مع العلم ان الدولة تقدم اجهزة الكمبيوتر مجانا لكافة الطلاب في المدارس الكورية مجانا منذ عام 1996 وربما هذا هو سبب طغيان التعليم الالكتروني الان وتؤكد ان التعليم من خلال الانترنيت مهم جدا للمجتمع المعلوماتي وتطبق التربية الكورية حاليا نظام / يو بي كوتس/ للتعليم عبر الانترنيت ويتيح التعليم للجميع داخل وخارج كوريا .
ابرز ملاحظة اخذتها اثناء الحوار مع مديرات وزارة التربية بمقر الحكومة هي ان ميزانية التعليم في كوريا تبلغ 29 مليار دولار سنويا اي 18% من ميزانية الدولة السنوية وهذا يعني ان كوريا مهتمة بالتعليم اكثر من الاكل والشرب لخلق جيل متعلم قوي , كما انها تخصص 2,6% من دخلها الاجمالي السنوي للبحث العلمي , في حين ان التعليم مجاني من الابتدائي حتي الثانوي الامر الي يحفز الطلاب علي الدارسة والتعلم والاتجاه الي البحث العلمي الذي يقود قاطرة النجاح الصناعي والتكنولوجي في كوريا الجنوبية !
الكوريون ينحدرون لأسرة واحدة
تقول المراجع التاريخية ان الكوريون ينحدرون لأسرة عرقية واحدة ويتكلمون لغة واحدة. عن طريق الملامح البدنية المتميزة المشتركة. ويعتقد أنهم من سلالة القبائل المنغولية التي رحلت إلى شبه الجزيرة الكورية من آسيا الوسطى.
ويقال انه في القرن السابع، تم توحيد الدول المتعددة في شبه الجزيرة الكورية لأول مرة تحت سيطرة مملكة “شيلا” (57 ق.م. -935). حيث مكن هذا التقارب العرقي الكوريين من كونهم بعيدين عن المشكلات العرقية والتعاون والتماسك مع بعضهم البعض.
يتكلم جميع الكوريين البالغ عددهم 48 مليون نسمه لغة واحدة قراءة وكتابة وهي اللغة الكورية (أي “هان كول” بالكورية) التي تعتبر عنصرًا مهمًا في تقوية هوية الكوريين القومية. وبالإضافة إلى اللغة الفصيحة المستخدمة في العاصمة سيول، تستخدم اللهجات المختلفة بين الكوريين. لكن هذه اللهجات متشابهة جدًا مع بعضها البعض ما عدا اللهجة المستخدمة في مقاطعة “جي جو دو” حيث أن الكوريين لا يشعرون بأية صعوبات للتفاهم فيما بينهم.
وطبقا للدراسات اللغوية ودراسات علم الأعراق البشرية، فإن اللغة الكورية تنتمي إلى مجموعة اللغة الأورالية والألطائية التي تحتوي على التركية والمنغولية والتنغوسية والمنشورية.
تم إبداع الحروف الكورية “هان كول” من قبل الملك “سي جونغ” العظيم خلال القرن الخامس عشر. وقبل اختراع اللغة الكورية ، استطاعت أقلية من سكان كوريا إتقان الحروف الصينية على الرغم من صعوبتها.
تتكون الاسماء الكورية – حاليا – من ثلاثة حروف صينية وتنطق بثلاثة مقاطع كورية. ويأتي اسم العائلة في البداية، أما عن جزئي الاسم الاخرين فهما يمثلان اسم الشخص، الاخرو يحدد الجيل الذي ينتمي اليه.
ولكن هذه التقاليد بدأت في الاختفاء تدرجيا. وان كانت الغالبية العظمى لا تزال تتبع هذه التقاليد، وإن عدد الكوريين الذين يطلقون على ابنائهم اسماء كورية خالصة في تزايد مستمر والتي لا يمكن كتابتها باستخدام الحروف الصينية. والجدير بالذكر ان اسم العائلة لم يطرأ عليه اي تغيير، اما ما تغير فهما الاسمان الثاني والثالث.
ويوجد في كوريا حوالي 300 اسم عائلة، وان كان عدد قليل من الأسماء شائعة بين الغالبية العظمى من السكان.
تماسك الهوية الوطنية !
الكورية لاتتزوج الا من كوري والعكس صحيح بمعني ان العائلات ترفض زواج ابناهم وبناتهم من اجانب , فقد روي المترجم هان ان والديه رفضا زواجه من فتاة مصرية تعلق بها اثناء دراسته بالقاهرة , كما ان صديقا كوريا لي رفض زواج ابنته من شاب ياباني رفيع التخصص , ويقال انها عادات قديمة متوارثة منذ الازل للحفاظ علي تماسك المجتمع !
ولا يتغير اسم المرأة الكورية بعد الزواج. فحينما يطلق الامريكيون على امراة اسم السيدة سميث فذلك يعنى انها زوجة السيد سميث . أما في كوريا فعندما تقول السيدة انها السيدة كيم فهذا يعني ان هذا هو اسم عائلتها وليس باسم زوجها.
وفي حالات نادرة تطلق بعض النساء على انفسهن اسماء ازواجهم. ولا يستخدم الكوريون اسماء الاشخاص في معاملاتهم مع بعضهم البعض الا في نطاق الاصدقاء المقربين فقط. حتى بين الاخوة لا يصح للاخ مناداة اخيه الاكبر باسمه الشخصي وانما يجب ان يسبق ندائه كلمة ” اوني” أي الاخت الكبرى او ” اوبا” اي الاخ الاكبر
في كوريا القديمة كانت الاسرة تمتد لتشكل ثلاثة أو أربعة اجيال يعيشون في نفس المنزل. وبسبب ارتفاع معدل وفيات الاطفال في ذلك الوقت كانت الاسر تميل الى زيادة الانجاب.
ولكن مع دخول الدولة في عصر التصنيع والمدنية منذ بداية الستينات والسبعينات، بدأت خطة نشطة لتحديد النسل. وانخفض متوسط عدد الاطفال في كل اسرة الى طفلين او اقل في الثمانينات.
وطبقا للتقاليد الكنفوشيوسية، كان الابن الاكبر يتولى زمام الامور في العائلة بعد وفاة الاب، ما ادى الى تفضيل الذكور على الاناث في كوريا القديمة. وللتغلب على هذه المشكلة قامت الحكومة باعادة صياغةالقوانين المتعلقة بالاسرة بما يضمن المساواة بين الذكور والاناث في الارث.
وقد زاد التصنيع من صعوبة الحياة وجعلها اكثر تعقيدا، مما دعا الاجيال الجديدة الى الانفصال وتكوين اسر تعيش بعيدا عن الاسرة الأصلية. وحاليا معظم الاسر في كوريا تتخذ شكل النواة الصغيرة الأسرة .وتعيش الاسرة قلقا دائما هو كيفية تأمين الاموال لتعليم الابناء في افضل الجامعات العملية والتقنية !




