سيؤل – د.جمال المجايدة :
سافرت الي كوريا , للتعرف الي واقع الحياة الكورية الجنوبية الحديث والمعاصر , الرحلة مع طيران الامارات من دبي الي سئول تستغرق قرابة العشر ساعات , ولان فارق الوقت يصل الي خمس ساعات مابين الامارات وكوريا , فانني امضيت في الاجواء ليلتين في يوم واحد , فقد طرنا الثالثة فجرا من دبي لندخل في ليل اسيا في الاقاصي البعيدة بسرعة حيث وصلنا الي مطار شوان الدولي الساعة السادسة وكان الليل قد بدأ يرخي سدوله في سيئول ,
كانت جانغ هاي-كيونوج المسؤولة في ادارة الاعلام الخارجي الكورية وبرفقتها المترجم الكوري هان بانتظارنا في المطار وفوجئت بان هان يتحدث العربية الفصحي رغم انه لم يجاوز الاربع وعشرين عاما من العمر , بابتسامة متواضعة قال / ان حبي للحضارة العربية دفعني لتعلم اللغة العربية / ولم يكتف بهذا القدر بل اختار له اسما عربيا / تامر/ لكي يندمج في قلب اللغة الام ويغوض في اعماقها كعربي احب لغة الضاد ولغة القرآن الذي يحفظ منه هان آيات كثيرة رغم انه مسيحي !
الطريق من المطار الي فندق هيلتون استغرقت قرابة الساعة ونصف الساعة , الشوارع تعج بالسيارات وهذا امر عادي عندهم لان كوريا تضم اكثر من سبعين مليون نسمه كما ان مصانه هيونداي للسيارات في كوريا تصنع سنويا اكثر من خمسة ملايين سيارة !
لذلك طبيعي ان تعلو الطرق والكباري فوق الانهار والبحار المحيطة بكوريا وتبدو شبكات الطرق للزائر كانها خيوط عنكبوتيه محبوكة غاية في الدقة بهدف تسهيل حركة المرور المريرة احيانا خاصة لدي اولئك الذي يطحنهم ضغط الوقت ليل نهار .
وصلنا الفندق واعطتنا جانغ فقط ربع ساعة للصعود الي الغرفة , غير انني قلت لها نحن امضينا ليلتين لكي نصل الي هناك بلانوم حقيقي , ضحكت قائلة/ اعتقد بان ربع ساعة تكتفي للراحة , لاننا يجب ان نذهب الي شارع /ميونغ دونغ / الجميل لتناول العشاء في مطعم كوري تقليدي !
توجهنا الي ذلك المطعم الشعبي الذي يقدم الخضار والاسماك في طاجن من الفخار تصل حرارته الي اكثر من درجات الغليان بحيث يطهي الطعام ويحتفظ بحرارته الي اكثر من ساعة !
طبعا العشاء كان فرصة للحوار والتعرف علي ملامح سريعة عن حياة كوريا والكوريين وامتد طويلا لرغبة كل طرف في محاورة الاخر لكسر حاجز المسافات الطويلة !
جولة في العاصمة
في اليوم التالي للرحلة صحوت مبكرا لكي اتعرف علي كوريا ومن أعلى جبل نام-سان في قلب العاصمة سيول حيث يوجد الفندق الذي اقيم كان سهلا التمتع بمنظر رائع لكل المدينة التي يطل عليها برج سيول وتحيط به القرية الكورية التقليدية.
خرجت برفقة الزملاء في جولة الي اكبر المدن واجملها , انها سيئول عاصمة كوريا النائمة على ضفاف نهر هان-كانغ ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 11 مليون نسمة. ويقال ان عدد السكان يرتفع اثناء النهار الي 18 مليونا مما يتسبب في الزحام . غير انه مع إعادة بناء المدينة بما يتناسب مع عصر التصنيع والمدنية، استمرت المدينة في النمو كمركز مزدهر للنشاطات السياسية والثقافية والتعليمية والاقتصادية.
وتعد سيول، المدينة العاشرة الكبرى في العالم، حيث يمتزج فيها الماضي والحاضر بصورة رائعة. فيوجد بها العديد من القصور، والبوابات والأضرحة، والآثار التي لا تقدر بثمن والموجودة في المتاحف والتي يرجع تاريخها الى القرون الماضية، وتلك الاثار تعد شاهدا على ماضي المدينة العظيم. ومن جهة أخرى تعكس ناطحات السحاب والكثافة المرورية العالية روح الحياة المدنية الحديثة.
داخل سور العاصمة القديمة
وكانت سيئول القديمة محاطة بأربعة جبال وفي داخل نطاقها أربعة أخرى، هذه الجبال تقع داخل سور العاصمة القديمة لمملكة جوسون(1392-1910). ويوجد في سيئول أيضا أربعة قصور ملكية تاريخية ترجع الى عصر مملكة تشوسون وهي قصور كيونغ-بوك-كونغ، ودوك-سو-كونغ، وتشانغ-دوك-كونغ، وتشانغ-كيونغ-كونغ. كما يوجد أيضا في سيئول ضريح مملكة جوسون الملكي المسمى جونغ-ميو، والحديقة النادرة، ” هيوان” فيقعان بجوار قصر تشانغ-دوك-كونغ، وهما يشتهران بالجمال النادر والابنية الكلاسيكية. ومن أكثر المناطق شعبية بين الأجانب منطقة إن-سا-دونغ والتي تقع بالقرب من وسط العاصمة سيئول، وهي منطقة تكثر فيها محلات الانتيكات والمعارض الفنية وأماكن تقديم الشاي التقليدي والمطاعم والمكتبات.
كما توجد أيضا أماكن أخرى تثير الشهية لزيارتها ومن أهمها المتحف القومي، والمركز القومي للفنون الكورية التقليدية، ومركز سيجونغ الثقافي، وصالة هوام للفنون، والمنزل الكوري. وهناك أيضا المتحف القومي للفن المعاصر في كواتشون وهو يقع في الجهة الجنوبية للمدينة.