سيؤل – د.جمال المجايدة : خلال زيارتي الى عاصمة كوريا الجنوبية سيئول اتيحت لي الفرصة للذهاب الى مدرسة تقليدية لتعليم الموسيقى والرقص , وذكرت لي المدربة سانغ لي ان الموسيقى والرقص كانت هي احدى وسائل أداء العبادات الدينية وقد استمر هذا التقليد حتى عصر الممالك الثلاث.
ارتديت الزي التقليدي في المدرسة لتعلم طقوس تناول الشاي ومن ثم العزف على الالات الوترية الموسيقية تحت اشراف المدربة , لم اكد جادا في التعلم لاني لست على صلة بالموسيقى ولاحظت المدربة ذلك , وراحت تحكي لي بعضا من القصص والروايات عن تاريخ الموسيقى في بلادها وكيف تطورت الى العالمية الان!
وقالت : يرجع الفضل في تطور الرقص الحديث في كوريا الى تشو تاى – وون وتشوى سونغ – هي. وقد أسست فرقة بالية سيئول في عام 1950 لتصبح اول فرقة من نوعها.
وأول ظهور للموسيقى الغربية في كوريا كان عن طريق البعثات المسيحية في عام 1893، وبدأت تدرس في المدارس منذ عام 1904. وازدهر نوع جديد من الاغنيات التي تغني على الطريقة الغربية والتي والتي رن صداها في ارجاء البلاد كافة وهذا النوع يدعى التشانغ – كا.
ومن التغييرات الكثيرة التي مرت بها الدولة والتي اجبرتها على الانفتاح على الغرب، وطول فترة الاستعمار الياباني، استخدم التاشنغ – كا في تعزيز كل من مكانة كوريا في قلوب المواطنين وروح الاستقلال والتعليم والثقافة الجديدة. وفي عام 1919 الف هونغ نام – باك قطعة موسيقية تسمى البونغ – سون – هواه أو ” لا تلمسنى “. وبعد التحرر في عام 1945، انشىء أول اوركسترا كوري على الطراز الغربي وأطلق عليها اسم الاوركسترا الفيلهارموني.
وحاليا يوجد أكثر من خمسين فرقة موسيقية في داخل وخارج سيئول. وهناك العديد من الموسيقين الكوريين الذين يعزفون موسيقاهم اعمالهم في داخل وخارج كوريا وهم يجذبون كل اهتمام وتقدير الجماهير خلال عروضهم الجماهيرية وحفلاتهم الموسيقية التي تقام في داخل كوريا أو في أي مكان من العالم ومن اشهر الموسقيين في كوريا، الثلاثى تشونغ، وهو مكون من قائد الفرقة وعازف البيانو تشونغ ميونغ- وين، وعازف التشيلو تشونغ ميونغ واه، وعازف الكمان تشونغ كيونغ واه.
ومن المغنيين الكوريين المشهورين على الساحة العالمية السبرانو جو سون – مي ، والسبرانو شين يونغ اوك، والسبرانو هونغ هي – ججبونغ. ولهؤلاء الفنانين دور قيادي في اوبرا نيونيورك وغيرها من المسارح العالمية، وبالاضافة الى تسجيل اسطوانات لكبريات الشركات العالمية.
وفي أغسطس عام 1997 عرضت في نيويورك موسيقى ” الامبراطورية الاخيرة ” وهي قطعة موسيقية تصف السنوات الاخيرة من النظام الملكي الكوري وامبراطورية ميونغسونغ. وقد حققت هذه الموسيقى شهرة واسعة وافردت الصحافة مساحات كبيرة للحديث عنها. وهذه القطعة الموسيقية اتاحت فرصة عرض التاريخ والثقافة الكورية على الشعب الامريكي وبخاصة الامريكيين – الكوريين.
ومن أجل الحفاظ على الموسيقى والعروض التقليدية الكورية وتطويرها انشئ المركز القومي للثقافة الكورية في عام 1951. كما انشئت مدرسة الموسيقى في المعهد القومي الكوري للفنون، في عام 1993 كما أنشئت اولى مدارس الموسيقى الغربية للرقص في مركز سيئول للفنون في سوتشو – دونغ في جنوب سيول
تاريخ الموسيقى في كوريا الجنوبية
وكانت هناك أكثر من 30 الة موسيقية مستخدمة في عصر الممالك الثلاث من اشهرها الهيونهاك-كيوم (او القانون الأسود) والذي اخترعه وانغ سان- اك من مملكة كوريو، وذلك من خلال اجراء بعض التغيرات على القانون ذي السبعة أوتار والمصنوع في مملكة جين الصينية. وهناك ايضا كاياجيوم (او قانون كايا) والذي استخدم في كايا(42-562) ونقل الى شيلا. ولا تزال الموسيقى تعزف الى الآن على القانون ذي الاثنى عشر وترا.
وفي بداية عهدها كانت موسيقى مملكة شيلا نفسها سائدة في عصر مملكة كوريو، ولكنها سرعان ما تنوعت فيما بعد. فكان هناك ثلاثة أنواع من الموسيقى في مملكة كوريو هي : تانغ – اك او موسيقى مملكة تانغ الصينية، هنانجاك او موسيقى القرى، وأه-أك او موسيقى النبلاء. وورثت مملكة تشوسون عن مملكة كوريو بعض انواع هذه الموسيقى كما لا يزال بعض منها مستخدما الى الآن في المناسبات الخاصة كالشعائر والعبادات.
وكما هو الحال في الموسيقى كان في الرقص أيضا، حيث كان الرقص في كوريو من موروثات عصر الممالك الثلاث ولكنها اضافت عليه فيما بعد فنونا أخرى للرقص وذلك مع بداية رقص النبلاء والرقص الديني من مملكة سونغ الصينية. وخلال فترة حكم مملكة تشوسون، كانت الموسيقى احدى أهم الشعائر والقاسم المشترك في المراسم الخاصة. وفي بداية عهد المملكة أنشىء مكتبان للتعامل مع الامور الموسيقية كما بذلت جهود عديدة من أجل ترتيب الكتابات الموسيقية.
وكنتيجة لذلك ظهر الى الوجود نوع جديد من الموسيقى سمى اكهاك – كوبوم في عام 1493. وقد صنفت كتب موسيقى النبلاء الى ثلاث درجات هي :موسيقى المراسم، الموسيقى الصينية وموسيقى الاغاني المحلية.وقد طورت الآلات الموسيقية في عهد الملك شيجونغ. وبالاضافة الى موسيقى النبلاء استمر وجود الموسيقى الشعبية كموسيقى تانغ – اك وهيانغ – اك.
واصبح الرقص الشعبي ومنه رقص الفلاحين ورقص الشيمان ورقص الرهبان اكثر شعبية في اواخر ايام مملكة تشوسون، بالاضافة الى رقص القناع ورقص العرائس الوروث سابقا.
ورقص القناع هو مزيج من الرقص والاغاني والحوارات المدعومة بالعناصر الشيمانية ولذلك يؤديه عامة الشعب. وكانت العروض تتضمن المقاطع والنبرات التي تؤكد على تحدي الشعب للنبلاء مما كان يزيد من استمتاع المشاهدين.
اما الرقص التقليدي فكان لا يخلو من التأثير البوذي والكنفوشيوسي. وقد قيل ان التاثير الكونفوشيوسي كان عاملا معوقا بشكل رئيسي بينما كانت البوذية بمثابة عامل جذب سهل كما هو واضح في رقصات النبلاء الجميلة والرقصات الشيمانية الدينية الخاصة بالموت.
وقد تلاشت العديد من الرقصات التقليدية خلال فترة الحكم الياباني الاستعماري وذلك بسبب عمليات التصنيع والاتجاه نحو المدنية في كوريا في الستينات والسبعينات. وفي الثمانينات، بدأ الكوريون يتجهون الى احياء الرقصات القديمة التي كانت في طريقها للاندثار. ومن ضمن 56 رقصة من رقص النبلاء حيث ما زال عدد قليل منها معروفا.
رقص القناع
ومن ضمن هذه الرقصات ” تشوبونغمو” (رقص القناع) من مملكة شيلا، رقصة ” هاكميو” او(رقصة الكركي) من كوريو، ورقصة العندليب وهو يغنى للربيع من مملكة تشوسون. وقد صنفت هذه الرقصات من قبل الحكومة على انها ” تراثا ثقافيا لا يمس ” ونظرا لما تتمتع به من شهرة واسعة، وفي نفس الوقت يمنح مؤدو هذه الرقصات المحترفين لقب ” كنوز ثقافية انسانية ” كما تم منح أعلى الاوسمة الثقافية لاساتذة هذه الفنون والحرف التقليدية