إعداد: فادية عمار
من يزور ستوكهولم عاصمة الفن والجمال، وعاصمة الفن والحرية، سوف يغمر قلبه عشقها، بحيث لا يرغب في مفارقتها أبداً. وتعتبر ستوكهولم أو المدينة القديمة من أجمل العواصم الأوروبية على الإطلاق، حيث تشتهر بموقعها الخلاب فوق 14 جزيرة، يربط بينها حوالي 50 جسراً، مما يفسر وجود العديد من الطرق المائية داخلها، إضافة إلى الكثير من الحدائق والمنتزهات الخضراء الرائعة الجمال. وفي الواقع فإن أرخبيل ستوكهولم يتألف من أكثر من 24000 جزيرة، ما بين صغيرة وكبيرة، تمّ استيطان ألف جزيرة منها، بينما تُركت بقية الجزر تحفل بالطبيعة البكر العذراء، لتكون مرتعاً لمحبي الطبيعة الخلابة النقية.
فينيسيا الشمال
ستوكهولم هي عاصمة مملكة السويد وأكبر مدنها، حيث يلتقي بحر البلطيق ببحيرة مالارين المالحة، ويطلق عليها لقب فينيسيا الشمال، نظراً لوجود القنوات والطرقات المائية في معظم أرجائها، إضافة إلى آلاف الجزر الصغيرة المحيطة بها، والتي تمثل في مجموعها منظراً طبيعياً خلاباً، مما يجعلها من أجمل مدن العالم وأروعها. والمدينة صغيرة نسبياً، حيث يمكنك زيارتها بالكامل سيراً على الأقدام، ولكن مع وجود الطرق المائية، والجزر الرائعة الخلابة، فسوف تكون مجبراً على استئجار قارب والاسترخاء عبر ممراتها المائية الرائعة. وتتباهى المدينة باحتضانها لأول حديقة وطنية في العالم، والتي تشكل مقصداً لكافة محبي الاسترخاء في أحضان الطبيعة الرائعة والهواء الطلق، حيث تمثل الأرض الخصبة للمساحات الخضراء والممرات المائية الأكثر روعة على الإطلاق.
رحلة في الإبداع التاريخي
وتفخر ستوكهولم بكونها إحدى المدن الفريدة في أوروبا التي تستقطب العديد من الزوار والسياح بما يصل إلى 10 ملايين سائح سنوياً، حيث يمتزج فيها فن العمارة من القرون الوسطى، مع العمارة الحديثة المتمثلة في ناطحات السحاب المشيّدة من الزجاج والفولاذ. تضمّ العاصمة الإسكندنافية مجموعة مُذهلة من المتاحف والمباني التاريخية. وتعتبر منطقة “جاملا ستان” من أجمل المناطق في ستوكهولم، والتي يعود بناؤها إلى القرون الوسطى. وتحفل المنطقة بالعديد من المتاحف والميادين، بالإضافة إلى القصر الملكي وكاتدرائية ستوكهولم، وتشكل أزقتها المرصوفة بالحصى الصغيرة، والتي تصطف على جنباتها المقاهي والمطاعم، إضافة إلى محلات الحرف اليدوية، التذكارات الأثرية والمعارض الفنية، خير مكان للاستراحة واستعراض التاريخ الإسكندنافي بأجمل صوره. ويمكن لزوار العاصمة استخدام العبّارات البحرية المنتشرة في كافة أرجاء المدينة، لتجربة رحلة بحرية في قناة “كوتا” المائية الرائعة، على امتداد عشر بحيرات وبحر داخلي، حيث تمخر السفن البخارية عبر الشريط المائي البديع الزرقة، للاستمتاع بالمناظر الخلابة للمنطقة المحيطة، من مراعٍ وقرى قديمة، بالإضافة إلى القلاع والأديرة، والتي تشكل رحلة تقبع في الذاكرة إلى الأبد.
أروع الأماكن الأثرية
ويستمتع الكثير من السياح بزيارة متحف “فازا” الذي يضم حطام السفينة الحربية الملكية. ويمكن لمحبي الفن والرسوم المتميزة، زيارة منزل النحات كارل ميليز ومنزل الأمير أيوجين الذي عرف بالأمير الرسام، حيث يعدّ المنزلان أحد مراكز الجذب السياحي. وتعتبر كنيسة “ديدار هولم”، التي يزيد عمرها على 700 عاماً، من أجمل المعالم الرئيسية التي تميز العاصمة، وهي المكان الذي تعقد فيه العائلة المالكة حفلات زفافها. ويشكل متحف “ميلزغارون”، الذي أقيم على شاطئ واحدة من الجزر الكبرى وهي ليدنيغو، أحد أبدع الأماكن الفنية والجمالية التي تطل على مناظر خلابة للمدينة. ومما يلفت النظر حال حلولك في العاصمة برج قاعة المدينة، وهو يخترق عنان السماء في منظر بانورامي رائع. ويمثل البرج، الذي يُطل على أشهر ميدانين في العاصمة، الحركة الرومانسية في الفن المعماري السويدي. وتشكل زيارة متحف “سكانسن”، الذي يعتبر أقدم وأضخم متحف مفتوح في العالم، رحلة فريدة عبر تاريخ السويد، وهو عبارة عن متحف ممتع في الهواء الطلق في “ديور غاردن” تمّ تصميمه على شكل قرية كبيرة. أما محبي الرياضة، فيمكنهم الاستمتاع ضمن أضخم مقر للألعاب في السويد، الذي تمّ تصميمه على شكل كرة غولف، ويصل ارتفاعه إلى 90 متراً.
القصر الملكي
ويضم القصر الملكي حوالي 600 غرفة، وتم تشييده على مراحل مابين عامي 1697-1754م على الطراز المعماري الإيطالي. ويمكن لزوار القصر زيارة متحف الأسلحة الملكية، الجناح الصيني، إضافة إلى معرض مجوهرات التاج السويدي التي تم استخدامها في تتويج الملوك والملكات على مر العصور. ويحيط بالقصر العديد من الحدائق الواسعة التي تحفل بأجمل أنواع الزهور المتميزة.
الترفيه العائلي
تشكل حديقة جرونا لاند في الجزء الجنوبي الغربي من ستوكهولم علامة متميزة في عالم الترفيه العائلي، حيث تضم واحدة من أقدم حدائق الملاهي في السويد. وتزخر الحديقة بأروع عروض الترفيه والجذب السياحي، بداية مع نفق الحب لمحبي الرومانسية والهدوء، إلى الإفعوانة الكبيرة التي يبلغ طولها 800 متراً وبسرعة تصل إلى 90 كلم/ساعة، والتي تمثل عامل جذب لكثير من عشاق الإثارة والمغامرة، بالإضافة إلى أجمل العروض التي تقدمها الفرق الموسيقية المختلفة، والحفلات المتميزة.
جزيرة دوراغاردن
تتميز الجزيرة باحتضانها لمعظم الأبنية التاريخية والمعالم الأثرية المختلفة، التي تم بناؤها مابين القرنين الثامن والتاسع عشر، يؤمها أكثر من 10 ملايين سائح سنوياً. ويتوافق اسم الجزيرة مع إسم يوم العطلة الشعبية في السويد. وتضم الجزيرة منطقة من أجمل المناطق الترفيهية العالمية، إضافة إلى أروع المتنزهات الوطنية المتميزة. ويمكن الوصول إلى الجزيرة عن طريق قطع الجسر العائم سيراً على الأقدام، باستخدام الحافلة، أو بواسطة أحد القوارب المنتشرة على الساحل.
متحف الأحواض المائية
ويقع المتحف في وسط مدينة ستوكهولم، ويشكل معرضاً متميزاً للمناطق المدارية، حيث تم تقسيمه إلى قسم الغابات الممطرة، المناطق الساحلية، ومنطقة الشمال الأوروبي الزاخرة بحيوانات الغابات المتوحشة. كما يضم المتحف أحواض السمك، الزاخرة بأسماك القرش، الشعاب المرجانية والعديد من الحيوانات البحرية المدارية، بالإضافة إلى حوض يحتوي على مختلف أنواع أسماك المياه العذبة.
مركز عالمي للفن والثقافة وتنطلق في العاصمة السويدية سنوياً فعاليات توزيع جائزة نوبل، حيث تستقبل المدينة عدداً كبيراً من رجال الأدب والفن والعلوم المختلفة من جميع أنحاء العالم، لاستلام جوائزهم في كافة ميادين العلم والأدب والطب والاقتصاد والكيمياء والفيزياء. وتحفل أجواء المدينة بالفن والأدب، لتمنح لعشاق هذه الفنون متعة لاتنسى، فهي المدينة التي أنجبت الكاتب المسرحي الكبير “أوغست ستريندبيرغ”، كما يجد عشاق الأدب مبتغاهم وعشقهم في البيت الثقافي الذي يحتوي على فرقة مسرح مدينة ستوكهولم وعروض مسرح “الريبرتوار” الذي يتميز به المسرح السويدي، بالإضافة إلى بعض المسارح الفنية الصغيرة والكبيرة، مسارح الرقص الحديث، أما بناية المسرح الملكي فتشكل المقصد الأول لكافة نجوم المسرح والسينما العالميين، جنباً إلى جنب مع العائلة الملكية والشخصيات الرسمية والمسؤولة في العاصمة السويدية. وتضم ستوكهولم مايقارب من 165 قاعة وفرقة مسرحية، في كافة فنون التجريب المسرحي الأوروبي والاستعراضي، فضلاً عن دار الأوبرا الملكية وأوبرا الشعب، والتي تمنح محبي هذا الفن عروضاً دائمة على مدار السنة. ولايمكن نسيان فرق البالية الرائعة التي تقدم عروضها على مسرح الرقص في المدينة، والذي يستضيف أروع الإبداعات الراقصة وفرق الباليه من كافة أرجاء العالم.