د. علي القحيص
الرسام الإسباني بابلو بيكاسو (1881- 1973)، عرض لوحة من إبداعه تحمل اسم (غرنيكا)، وذلك بطلب من الحكومة الإسبانية الثانية عام 1937.
وتُعد أشهر عمل تشكيلي وأجمل لوحة رسمها عن مدينة «غرنيكا» بعد قصفها في (26 أبريل 1937) أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، وشكلت أعماله الفنية ثورة فنية في القرن الذي قاد الحركة التشكيلية التكعيبية التي لا تزال مصدر إلهام فني، وترك 2000 لوحة فنية أغلبها بالمتاحف العالمية.
بيكاسو كانت لديه قناعة بأن الرسم طريقة أخرى لكتابة المذكرات، وحين قال له أحدهم إن ما ينتجه من رسومات غير واضح ومبهم وغير مفهوم أبداً، قام بيكاسو ورسم حبة قمح بتفاصيل دقيقة جداً، وأبدع في رصد أبعاد مذهلة توضح أدق التفاصيل وفق تكتيك بالظل والضوء، حتى أن دجاجة اقتربت من اللوحة بعد إنجازها، ونقرت حبة القمح لقوة التفاصيل التي رصدها بيكاسو، ظناً من الدجاجة أنها حبة قمح حقيقية، وشرعت في التهامها. ولما شاهدها الناقد الذي انتقد أعمال بيكاسو قال له إذا لماذا لا ترسم مثل هذه الأعمال الفنية الدقيقة المدهشة أفضل من اللوحات غير الواضحة؟
قال بيكاسو..أنا لا أرسم للدجاج؟! ولذلك لدى كل شخص مبدع طقوسه وتفكيره وأسلوبه وهي عادات غريبة لا يعرفها سوى المقربين من المبدع .. والعلماء والمشاهير أيضا لديهم العديد من العادات الغريبة والأسرار الخفية التي لا يعرفها عنهم الكثيرون، فضلاً عن أن الكثير منهم قاموا بالعديد من التصرفات الغريبة التي يصعب تفسيرها أحياناً!
الفنان «بيكاسو» نفسه حزن حزناً شديداً، لعدم سرقة لوحاته من منزله، عندما حصل ذات ليلة كان «بابلو بيكاسو» عائداً إلى منزله ومعه صديقه، فوجد الأثاث مبعثراً والأدراج محطمة والأغراض متناثرة، وجميع الدلائل تشير إلى اقتحام عصابة من اللصوص لسرقة المنزل ومحتوياته!
وعندما تفقد «بيكاسو» المسروقات من المنزل، غضب جداً، فسأله صديقه عما إذا كانوا سرقوا شيئاً ثميناً من السكن، فأجاب (بيكاسو) بأن اللصوص أغبياء جداً، ولا يدركون أهميتي الإبداعية وقيمة لوحاتي الفنية، لذلك هم لم يسرقوا سوى أغطية الفراش من المنزل، ولذلك أحبطت وحزنت جدا، لأنهم أهانوني بهذا التصرف الغبي!
الموهوبون هم نوابغ لديهم أفكار إبداعية ملهمة ومؤثرة، لكنهم أحياناً يدفعون ثمن شفافيتهم وإحساسهم المرهف، مثلاً قصة الفنان العالمي الشهير الهولندي فإن غوخ (1853- 1890)، بعد أن صدم بسبب تخلي صديقه عنه، وحين قطع أذنه اليسرى، وحملها وأهداها إلى جارته الفتاة الجميلة (راشيل) الذي كان يعتقد أن الرسامين يتنافسون ما بينهم لنيل إعجابها، وهو كان لا يملك شيئاً يهديه لها، ولما رأت أذنه مقطوعة وقدمها بمنديل لها، قال لا أملك شيئاً أغلى من أذني، ولكن ممكن تسمعين بها الموسيقى كما كنت أسمع من خلالها! والفنون «جنون»، وهذه بعض تصرفات الفنانين العالمين الذين انتهت حياتهم وهم فقراء معدمون، وأصبحت لوحاتهم الشهيرة، بعد رحيلهم تتصدر قصور الأثرياء، وتباع بملايين الدولارات، في المزادات الدولية، ولو عرفوا قيمة لوحاتهم الثمينة والأرقام الفلكية التي يتم دفعها لاقتنائها لأصبحوا من الأثرياء، ولكن لله في خلقة شؤون!
*كاتب سعودي