إعداد: فادية عمار
قد توحي كلمة الصحراء بقساوة الطبيعة والجفاف والحرارة الشديدة، غير أن الصحراء في الإمارات ذات خصائص نادرة بين الصحارى، ففي باطنها الماء العذب، وعلى أطرافها تنتشر الواحات الغنّاء، وتتخللها إلى جانب الكثبان الرملية سلاسل من الجبال والمرتفعات، كل ذلك في فضاء فسيح من السكون والهدوء الباعث على التأمل والسكينة، فيقدم إلى مرتاديها سياحة أخرى بالإضافة إلى سياحة الترحال والمغامرة والاستكشاف، إنها رياضة الفكر والتأمل وسياحة الروح. والسياحة الصحراوية هي سياحة شتوية بامتياز، ونجح القطاع السياحي المحلي في تحويل المناطق الصحراوية إلى منتجعات سياحية مهيأة بكل مايوفر للسائح قضاء عطلة ممتعة له ولعائلته، مع تقديم منتجات سياحية جديدة من أهمها الرياضة الصحراوية التي أصبحت تجذب الكثير من السياح من داخل الدولة وخارجها. وتشكل الإمارات وجهة سياحية مهمة لعشاق سياحة الصحراء من مختلف دول العالم وخاصة في فصل الشتاء نظراً لتوافر مقومات هذه السياحة والتي من أهمها الطقس الدافئ الجميل والرمال الناعمة والكثبان الذهبية وواحات أشجار النخيل، مما يجعلها تستقطب عدداً كبيراً من السياح.
سحر رومانسي
على الرغم أن سكان الصحراء أصبحوا قليلين جداً ومنتشرين في أماكن متفرقة، إلا أن زائر الصحراء يستطيع إلقاء نظرة على أساليب الحياة التقليدية الماضية قبل الانتقال إلى حياة الحضر من خلال الخيام المنتشرة والمجهزة بجلسات عربية متميزة. كما أن هذا الفضاء الصحراوي الواسع الذي قد يبدو خالياً، يضم في حقيقة الأمر أنواعاً مختلفة من الحيوانات كالثعالب والأرانب البرية والسحالي والغزلان والنسور. كما يشكل ركوب الجمال جزءاً من بعض الجولات والرحلات الصحراوية مما يمثل تجربة للتعرف على طريقة العيش التقليدية في الصحراء، وقد يشمل ذلك دروساً في ركوب الخيل لمزيد من التجربة الرومانسية الساحرة.
رياضة التزلج
بدأت رياضة التزلج على الرمال تنتشر في أنحاء متفرقة من صحارى العالم، حيث أصبحت من البرامج الترفيهية الرئيسية لرحلات السفاري الصحراوية في الإمارات، والتي تستقطب السياح وخاصة الأوروبيين واليابانيين الذين يعتبرون الصحراء من البيئات الغريبة. ويعتبر التزلج على الرمال من أمتع رياضات التزلج في المناطق التي لاتتوفر فيها رياضة التزلج على الجليد، ومع وجود سيارات الدفع الرباعي والدراجات النارية، فكل مايحتاجه المرء هو كثبان رملية شديدة الانحدار تجعلك تشعر بالإثارة والمتعة عند الاندفاع إلى الأسفل، كما يمكن استخدام مزاليج خاصة لهذه الرياضة على الكثبان الرملية داخل الصحراء لرحلة مليئة بالتحدي والإثارة.
تتميز الإمارات بمناطق سياحية فريدة من نوعها في العالم، وليس التاريخ والحضارة فقط من يشكل عوامل جذب السياح لزيارة أبوظبي، ولكن أيضاً مناخها الشتوي المعتدل وبيئتها الطبيعية وخاصة الصحراوية التي لاتزال تحتفظ بنقائها. وعلى الرغم من ارتباط صورة الصحراء بالقحط والجدب، ولكن في وسط فيافي وقفار البادية الصحراء، بعد مغادرة أبوظبي باتجاه عمق الصحراء العربية، وعلى تخوم الربع الخالي، تداهم المسافر مساحات خضراء مترامية الأطراف، وكأنها تنتمي إلى مكان غير هذا المكان، إنها واحة “ليوا” المتميزة بمناظرها الطبيعية الخلابة، مع انخفاض معدل الرطوبة واعتدال درجة الحرارة ليلاً، والتي تستحق بجدارة لقب “جنة الصحراء”. وعند زيارتك لأبوظبي ستجد أن كل شيء متوفر، حيث يمكنك ممارسة رياضة التزلج على الرمال مع التمتع بأشعة الشمس ودفئها، فالكثبان والتلال الرملية في ليوا مناسبة تماماً لممارسة هذه الرياضة دون الحاجة إلى أية معدات خاصة، فقط الملابس العادية ولوح التزلج. أما إذا كنت من محبي التمتع برمال الصحراء من خلال الرحلات البرية والتي تتضمن تسلق الكثبان الرملية والقيادة بواسطة سيارات الدفع الرباعي، فليوا هي المقصد المتميز لتجربة شاقة ومثيرة، تستمتع من خلالها بالمناظر الصحراوية الطبيعية، بالإضافة إلى الالتقاء بعوائل من البدو، ركوب الجمال واستكشاف الواحات ومشاهدة الظبيان العربية البرية، كما يمكنك اختتام جولتك بحفلات الشواء الليلية في المعسكرات الخارجية للاستمتاع بمنظر سماء الصحراء الصافية الذي يبقى مطبوعاً في الذاكرة.
“السفاري” متعة لاتضاهى في صحارى الإمارات
وتعتبر رحلات السفاري والقيادة في الصحراء هواية مفضلة لدى سكان الإمارات والسياح، ومن المناطق المفضلة لممارسة هذه الهواية في العين منطقة “بدع بنت سعود”، وهو تل يقع وسط الكثبان الرملية على بعد 15 كم شمال المدينة، حيث تبدأ الرحلة من الطريق الرئيسي، ثم تنطلق تجاه الكثبان الرملية والوديان، وهي مجاري السيول الجافة، والتي تعود إليها الحياة لفترة قصيرة بعد سقوط الأمطار الغزيرة حيث تتدفق المياه إليها من الجبال. ويعتبر التوغل في الكثبان الرملية تجربة مثيرة تحبس الأنفاس، وهناك المزيد الذي يمكن رؤيته، كالقرى الصغيرة البعيدة، وأنواعاً مختلفة من الزهور والأعشاب وأشكال الحياة البرية. وفي الوديان الصخرية، تكون القيادة صعبة وبطيئة، إلا أنه يمكن قضاء يوم جميل في استكشافها، كما يمكن أخذ استراحة قصيرة للاستجمام تحت مجموعة من الأشجار الظليلة. وفي رحلات السفاري يقضي السياح ليلة أو أكثر يستمتعون بأجواء الصحراء الليلية، حيث يتم إشعال النار لتناول المأكولات الشرقية، كما بإمكانهم ركوب الدراجات النارية والمرح في أجواء شرقية احتفالية مع سهرات عربية لاتنسى.
رحلة عبر التاريخ
وتجمع رحلة “السفاري” بين صور متنوعة من المتعة والإثارة والسحر الجاذب، حيث تتوجه في البداية إلى مشاهد الجبال الشامخة في الإمارات مستخدماً عربات الدفع الرباعي، ويأخذك هذا الجزء من الجولة إلى الأجواء الهادئة في الصحراء، لتواصل المسير إلى القرى التي تغفو بأحضان السلاسل الجبلية، وتعود بك في رحلة عبر التاريخ.
كما تأخذك رحلة السفاري في دبي إلى قلب الصحراء، لتجرب خبرة الانسياب بكل سهولة فوق الرمال الناعمة المثيرة، وتملأ عينيك بالمنظر الرائع للصحراء المترامية، بالإضافة إلى اقتناص الفرصة النادرة للاستمتاع ببانوراما غروب الشمس الهادئة. كما يمكنك الاستمتاع بمشاهد الجبال الشامخة في الإمارات باستخدام عربات الدفع الرباعي، وتتوغل بعيداً في الصحراء الممتدة لتزور قلعة برتغالية بنيت في القرن الرابع عشر، وتوفر الجبال واحة لالتقاط الصور النادرة، وعند مواصلة السير عبر الوديان، ستحصل على فرصة ثمينة للسباحة في برك الجبال بمياهها المنعشة الباردة، لتصل بعد ذلك إلى إحدى القرى الصحراوية حيث ستتمكن من ركوب سفينة الصحراء “الجمل”، وتتمتع بتباين ألوان ملايين النجوم البراقة في السماء مع عتمة الليل، وهنا سيتملكك سحر حياة البداوة الفريد عندما ترتدي الملابس العربية التقليدية الفضفاضة، وتتذوق الحلوى العربية الطازجة تحت فضاء الصحراء اللامتناهي، كما يمكنك أن تتعلم الكثير عن الدور المهم الذي تلعبه الصقور في حياة السكان المحليين، وعندما تصل إلى حالة التشبع من المناشط التي تنسجم مع اهتماماتك، تستطيع الاسترخاء على الأرض المفروشة بالبسط والسجاجيد أو التجول حول معسكر الخيام والتنعم بالسكون الصحراوي الذي يشفي القلوب.



