تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، نظّمت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، احتفالية اليوم العالمي للغة الأم ترجمةً لشعار الفعالية الدولية لعام 2024 “التعليم متعدد الألسن بوصفه أحد ركائز التعليم والتعلُّم بين الأجيال”، وذلك مساء يوم الثلاثاء 20 فبراير 2024، في المجمّع الثقافي بأبوظبي.
وفي كلمتها الافتتاحية، أشادت سعادة هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، ببلاغة اللغة العربية ومكانتها، “لغةً حيةً تعيـش في الوحيِ الخالد في القرآن الكريم، في قصصنا، وترنيماتنا وأُبيات شعرنا بموسيقاها وإيقاعها، تجري في دمنا وعروقنا، إنّها جوهر ثقافتـنا بهويّتها وإرثها وأثـرها”.
وأوردت سعادتها أبياتاً شعريةً للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يقول فيها: “الله عطانا خير وانعام، والحمد له واجب علينا، ياللي عطانا إيمان والهام، ومن فضله الضافي عطينا”، مضيفةً: “مقولةٌ عظيمةٌ للشيخ زايـد، طيّب اللهُ ثَراه، تعكس رؤيتَهُ، وتحفّز فينا إرادة تحمُّل المسؤولية الكبرى للحفاظ على نعمة الفكر والفعل. فلنحيِ لغتنا قلـب ثقافتنا النابضة بالحيــاة، نجدّد علومها ومعارفها وآدابها، بتفانٍ لا مُتَناهٍ، بابتكارٍ وإبـــــداع، والتزامٍ وشغف”، لتختم بقولها: “لدينا جميعاً أعمارنا المحدودةُ على هذهِ الأرض، ولكنَّ ثقافتَـنا ولغتَـنا الأُمُّ لُغـة الضّاد باقيتـان ما بقي الإنسـان”.
وقال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، إنّ “من أرق تعريفات اللّغة الأم أنها اللغة التي يحلم بها الإنسان، واللغة التي انتقلت للإنسان من بواكير علاقته بأمه. ولنا أن ندرك أهمية الاعتناء بهذه اللغة”، مضيفاً “إن الحضارة العربية من أوائل الحضارات الإنسانية التي أولت عناية فائقة وتقديراً واحتراماً كبيرين لتعددية الألسن والأفكار والمعتقدات والثقافات. ويُثبت التاريخ أن هذا المزج الفريد المبني على الاحترام والتقدير لفسيفساء الثقافات والألسن الذي أرست دعائمه الحضارة العربية منحها خصوصيتها، وأسهم في جعلها حضارة إنسانية عالمية امتدت ظلالُها، وتغلغلت ثمارُ علومِها وفلسفاتِها ومنجزاتِها إلى كافة أرجاء العالم”.
وتابع سعادته: “في ضوء ما توليه القيادة الحكيمة لدولة الإمارات من أهمية للغة بتعدد ألسنتها بوصفها خزائنَ الفكر والتاريخ والتراث، نولي في مركز أبوظبي للغة العربية، فكرة التعددية أهمية كبرى؛ ونعكس ذلك في عدد من المبادرات والمشاريع، منها: جائزة سرد الذهب التي تهدف إلى دعم مسيرة السرد العربي المعاصر بذخائر الذاكرة الشعبية والتقاليد العريقة في سرد القصص باللغة العربية. وجائزة “كنز الجيل” التي تهدف لتكريم الدارسين والمبدعين المهتمين بتناول الموروث المتصل بالشعر الشعبي وقيمه الأصيلة”.
وتضمنت الاحتفالية ندوةً حواريةً تناولت واقع اللغة العربية كلغة أم من خلال وجهات نظر المشاركين العاملين على رأس جهات حكومية وأكاديمية من المؤسسات الفاعلة في الحفاظ على التراث واللغة العربية وترسيخ مكانتها من خلال تسليط الضوء على روائع موروثها الثقافي وكنوزها المعرفية واستشراف مستقبلها. وقد شارك في الندوة سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، والدكتورة هنادا طه، رئيسة مركز زاي لبحوث اللغة العربية في جامعة زايد لبحوث اللغة العربية، والدكتورة عائشة الشامسي، رئيس قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وأدارها الكاتب والناقد علي العبدان، حيث أجمع المتحدثون على الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات في تعزيز مكانة اللغة العربية وخاصة لدى الشباب والأجيال الجديدة وأبرزوا أهمية التصدي لمشكلات حقيقية تواجه جمهور العربية والناطقين بها كما في الثنائيات اللغوية والعلاقة بين العامية والفصيحة، مع ضرورة تجويد المناهج وترسيخ العربية لغة للعلوم والمعارف.
كما تبعتها أمسية شعرية بمشاركة كل من الشاعرتين الإماراتيتين شيخة الجابري، عضو مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، والشاعرة ميرة القاسم، والشاعر وليد علاء الدين من جمهورية مصر العربية، حيث ألقوا خلال الأمسية مجموعة من القصائد التي نضحت بجماليات العربية ومعانيها الجزلة وأصالة معمارها اللغوي والمعجمي بشقيه الفصيح والنبطي، واختزلت جوانب مشرقة من تجاربهم الشعرية المكرّسة لما لأصحابها من حضور مؤثر في مشهد الحراك الإبداعي والشعر في الإمارات والوطن العربي.