ناقشت ” Agro Food Park ” المنظومة الرائدة للشركات العاملة في مجال الزراعة والصناعات الغذائية في الدنمارك، دورها ومساهماتها في تحقيق الاستدامة في قطاعي الزراعة والغذاء، ويأتي ذلك كجزءٍ من سعيها نحو مستقبلٍ أكثر صداقةً للبيئة باعتبارها مركزًا حيويًا يلبي احتياجات الشركات الناشئة والراسخة في هذا المجال من خلال تحفيز الابتكار وتيسير سبل التعاون ومشاركة المعارف والخبرات.
إذ تشير التوقّعات إلى أن 68٪ من سكانا لعالم سيتجّهون إلى الإقامة في المدن بحلول عام 2050، الأمر الذي سيجعل إمكانية الوصول إلى الغذاء الصحي حاجةً ملحّة. وفي هذا السياق، تتمتع منظومة “Agro Food Park” بموقع استراتيجي يؤهلها لمواجهة هذه التحديات فهي تعمل بمثابةِ مركزٍ دوليٍ للابتكار وتبادل المعرفة في قطاعات الزراعة والغذاء والتكنولوجيا.
ومن المقرر ان تشارك الدنمارك بوفد ضخم في مؤتمر الامم المتحدة للمناخ بدبي COP 28 في نهاية الشهر الجاري.
وبحسب آن ماري هانسن، الرئيس التنفيذي لـ “Agro Food Park”، فإنّ المنظومة تعد الوجهة الأمثل لكافة الشركات الدنماركية العاملة في مجال الصناعة الزراعية والغذائية، فقد اتخذت على عاتقها مهمة تنمية قدرات تلك الشركات ومساعدتها على التنافس على مستوى العالم، بالتركيز على التكنولوجيا، وتبادل المعرفة، والابتكار، والاستدامة.
وفي حديثها عن الدور الذي تؤديه المنظومة في تحقيق الاستدامة المنشودة، قالت هانسن: “منذ إنشائها في 9 سبتمبر 2009، تحتل منظومة “Agro Food Park” مكانةً بارزةً في قطاع الزراعة والصناعات الغذائية في الدنمارك، وتطلّع بدورٍ هامٍ في تعزيز القدرة التنافسية الدولية، وحفز الاستدامة والقيم الثقافية والمسؤولية الاجتماعية. ومن المقرر أن تتوسع المنظومة على مراحل، مسترشدةً بخطة رئيسية مصممة لتعزيز التعاون بين الباحثين والشركات، مما يضمن تحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل لا سيما في البيئات الحضرية الكثيفة”.
وأضافت: “تدعو “Agro Food Park” إلى اتّباع نهجٍ متكاملٍ للتخلص من الكربون، ويتضمن هذا النهج حلولًا من شأنها التخلص من الانبعاثات الضارة من المباني ومصادر الطاقة ووسائل النقل. وقد أثبتت هذه الحلول نجاحها في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحد من النفقات التشغيلية، ومن خلال تبني هذه الاستراتيجيات المتكاملة، ستتمكن الشركات من تقليص بصمتها الكربونية وتعزيز قيمة ممتلكاتها”.
وفي هذا الإطار، أوضحت هانسن أنّ التخلص من البصمة الكربونية يعد إحدى أهم أولويات منظومة “Agro Food Park” في رحلتها نحو تحقيق الاستدامة، وهي تؤمن بأنّ المباني ومصادر الطاقة ووسائل النقل من الأمور المحورية لتحقيق مستقبلٍ محايدٍ كربونيًا، ومن خلال إجراء التعديلات والتحديثات المتكاملة، ستتمكن الشركات من تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة منها بنسبةٍ تصل إلى 60٪. كما ستستفيد الشركات التي تتبنى هذه الحلول من خفض النفقات التشغيلية والرأسمالية بنسبةٍ تتراوح ما بين 25-30٪، فضلًا عن الدخل الإضافي الناتج عن الطاقة المتوّلدة من هذه الحلول، حيث تزيد المباني الموفرة للطاقة قيمة العقار بنسبة تتراوح ما بين 10 و25٪.
وعلى غرار منظومة ” Agro Food Park”التي تحتل مكانةً متميزةً بوصفها مركزًا عالميًا متخصّصًا في قطاعي الزراعة والغذاء في أوروبا، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2021 عن مضاعفة إنتاج دبي الغذائي ثلاث مرات عبر إطلاق وادي تكنولوجيا الغذاء في دبي، الأمر الذي يجعلها وجهة عالمية رائدةً في هذا المجال، ويتيح فرصًا جيدةً للتعاون ما بين دولة الإمارات العربية المتحدة والدنمارك.
ولتيسير الانتقال نحو مستقبل مستدام، تؤكد Agro Food Park على أهمية التعاون بين مختلف الجهات الفاعلة ذات الصلة كمديري المباني ومديري الأساطيل ومشتريات الطاقة والمديرين التنفيذيين للاستدامة. ويمكن للحكومات أن تلعب دورا محوريا في دعم هذا التحول من خلال تحديث القوانين، والتصريح بالعمليات، وتوفير الحوافز لمتّبعي هذه النهج المتكاملة.
كما أوضحت هانسن رؤية منظومة “Agro Food Park” مؤكدةً على التزام المنظومة بالربط ما بين الكفاءات المتوفرة في قطاع الزراعة وقطاع الغذاء، وقالت: “تتمحور رؤيتنا حول خلق بيئة الابتكار ما بين الشركات الزراعة والأغذية في أوروبا. وذلك من خلال تعزيز التعاون وتبادل المعرفة والممارسات المستدامة، ونحن مصممون على السير بهذا القطاع نحو مستقبل أنظف وأكثر مرونة”.
وذكرت أنّ إنشاء قسم جديد لبحوث الأغذية في جامعة آرهوس يعد قفزة كبيرة في الطريق نحو تحقيق مستقبلٍ مستدام، فمن خلال خبرته المتعمّقة في هذا المجال، سيركز القسم على الاستدامة، والإمدادات الغذائية، والحد من النفايات، وتعزيز المزايا الصحية، مما يعزز البيئة الديناميكية في المنظومة.
علاوةً على ما سبق، استضافت “Agro Food Park” القمة العالمية للأغذية والموارد الحيوية لعام 2023 الشهر الماضي، وجمع هذا الحدث الذي استمر ليومين قادة الصناعة والجامعات وأصحاب المصلحة المعنيين لمناقشة النظم البيئية المستدامة، وصياغة خطط قابلة للتنفيذ لتحويل النظم الغذائية نحو الأساليب المستدامة، وتعزيز التعاون بين الصناعة والعلوم. وتضمنت القمة متحدثين رئيسيين واستعراضًا لحالات النجاح وحلقات نقاش متعددة.
وفي هذا الصدد، علقت هانسن بالقول: “تهدف القمة إلى بدء التوجّه نحو نظام غذائي مستدام. وما هي إلا شهادةٌ على التزامنا بخلق مستقبل أكثر صداقةً للبيئة في قطاعي الزراعة والغذاء “.
وتابعت بالقول: “إنّ الدور الذي تضطلع به ” Agro Food Park” يجعلها قادرة على خلق شبكة قوية تتيح للشركات التركيز على نموها مع المساهمة في مستقبل مستدام. وهي بالفعل موطن لـ 75 شركة و1000 موظف. وتتمثل مهمتها في ربط الكفاءات الموجودة في القطاعات الزراعية والغذائية. ومن خلال تعزيز التعاون وتبادل المعرفة والمسؤولية المجتمعية، تهدف المنظومة إلى مواجهة تحديات المستقبل، وذلك بتوحيد الشركات تحت هدف مشترك يتمثل في التوصل إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وفي استطلاع رأيٍ حديث، تلقت ” Agro Food Park” ردود فعل إيجابية من مديري وممثلي الشركات، الأمر الذي يدل على نجاعة جهودها وأثرها التنموي. وتؤكد النتائج على أهمية دورها في النهوض بالصناعة.