بوكوفينا .. جنة على الارض تحيط بها الجبال والانهار ماراموريش في شمال رومانيا لاتزال تحتفظ بالتقاليد القديمة

أنت الآن تشاهد بوكوفينا .. جنة على الارض تحيط بها الجبال والانهار ماراموريش في شمال رومانيا لاتزال تحتفظ بالتقاليد القديمة

بوكوفينا – رومانيا – د.جمال المجايدة : إنطلقت بنا السيارة من مدينة ياش في قلب مولدوفا الرومانية في الطريق الى مقاطعة بوكوفينا , طلبت من صديقى قيادة السيارة على مهل وقلت له لاداعي للسرعة المفرطة , دعنا نتامل هذا المشهد الجمالي الطبيعي الخلاب وسط الجبال والسهول الخضراء وجدوال المياه المتفرعة من الانهر والبحيرات الجبلية والحقول المتنوعة من القمح والشعير والذرة وعباد الشمس الى الخضروات بانواعها ومزارع التفاح والفاكهة اليانعة .

استغرقت الرحلة قرابة الساعات الخمس لنصل الى منطقة بوكوفينا ، الواقعة في شمال رومانيا ، بمحافظتَيْها سوتشيافا وبوتوشان ، بصراحة وجدتها جنة على الارض لروعتها وسط جبال الكارباتس وحقول الخضار والفاكهة والبقول والادوية والتلال والهضاب الخضراء وبرودة الطقس التي كانت تصل الى 12 درجة مئوية ليلاً ونحن في عز الصيف ( 22 يوليو 2023 ).

المنطقة غنية بقلاعها وحصونها ومنازلها الفاخرة وكنائسها ففيها أسس أمراء رومانياعددا كبيرا من الكنائس الشهيرة. ونحن نتجول في قرى بوكوفينا كنا نلحظ اهتمام الناس هناك بارتداء الأزياء الشعبية وبتزيين القرى المنتشرة على أراضي المنطقة بالورود حتى الفندق الذي اقمنا به كانت كل نوافذه مزينة بالورود الزاهية . تخيلوا المشهد الفندق يحتوى على 12 غرفة فقط ومحاط بحوالي 20 هكتار من الحدائق والاشجار الطبيعية والازهار وتلاصقه غابة طبيعية تطاول اشجار الصنوبر والبلوط فيها عنان السماء .

 لهذا  فإن بوكوفينا تشكل المكان الذي يمكن لكل سائح يزوره أن يحظى بتجربة رائعة ربما لا تتكرر مرة أخرى.

متحف البيض الملون !

تبدأ الزيارة بمتحف البيض المزخرف في مدينة فاما ، حيث توجد أكثر من 16 عشر الف بيضة مزركشة. حوالي ستة آلاف و خمس مئة منها ، تم إحضارها من اثنتين و ثمانين دولة من قارات الكرة الأرضية الخمس.

البروفيسورة ليتيتسيا أورشينسكي , مؤسسة هذا المتحف والحاصلة على شهادة غينيس للارقام القياسية تقول  “في بوكوفينا ، في الماضي ، كان البيض يلون و يزركش بشكل بسيطً ، بعنصر مهيمن وحيد ، بألوان التربة التي توجد اليوم على الفُوَط والأزياء التقليدية.

وتمضي ليتيسيا وهي الأستاذة في فن النسج والزخرفة، من أكاديمية الفنون التقليدية في رومانيا، قائلة “في المتحف، سيكتشف الزوار البيض الذي كانت تملكه عائلتي، والذي تتراوح أعماره بين 50 و 100 سنة. هذا البيض كان ممتلئا، و لم يتم  طلاؤه، الأمر الذي سمح في الوقت المناسب بإخراج البياض من خلال مسام القشور و من ثَمَّ تم تخثير الصفار داخل كل بيضة ،و تم الاحتفاظ بها في منزل تقليدي، من أجل أيام العواصف الرعدية والصواعق القوية. كما يتم وضع البيض بعد تقديسه في عيد القيامة على حواف النوافذ لاعتباره يشكل حماية للناس من الشر المحتمل قدومُه من الخارج”.

وتمضي قائلة ” أيضا ، إذا كانت في المنزل فتيات في سن الزواج ، يقال أن هذا البيض كان يحميهن من الحسد ويُعجِّل في زواجهن.في الوقت الحاضر تطورت تقنية طلاء البيض، وعلاوة على ذلك ، اعتمادا على كثافة اللون ، كانت تُعرف حالة المرأة و مركزها في بوكوفينا. اللون الأحمر الفاتح يشير إلى الشابة غير المتزوجة ، والخمري نحو البني للمرأة المتزوجة ، أما اللون الاسود فيشير إلى الأرامل. في بوكوفينا  سوف تجدون أيضًا تقنية الطلاء بالشمع الفريدةِ في العالم.”

جولة في ماراموريش

نبقى في شمال رومانيا، في ماراموريش ، وهي إحدى أقاليم رومانيا الواقعة على الحدود الرومانية الأوكرانية .وتعد منطقة ماراموريش موطناً للعديد من القرى التي لا تزال فيها التقاليد القديمة جزءاً من الحياة اليومية، فقد حافظ سكان هذه المنطقة على الثقافة الريفية والحرف اليدوية منذ زمن أسلافهم، وتتميز قرى المنطقة بكنائسها الخشبية الفريدة من نوعها مع أبراجها الشاهقة وأسقفها المظللة، ولا تزال الغابات تمثل أكثر من أربعة أخماس مساحة اليابسة في ماراموريش، وهذا ما جعل الخشب منذ فترة طويلة وسيلة التعبير لدى الحرفيين في المنطقة، كما تزيّن المنحوتات الخشبية المتقنة أفاريز ومداخل ونوافذ المنازل، وتشتهر المنطقة بالأعمال اليدوية المحلية مثل السجاد المنسوج يدوياً والتطريز المعقد الذي يزين الفساتين الشعبية التي لا يزال يرتديها السكان المحليون إلى يومنا هذا.

دان كاربوف ، ممثل المكتب الإعلامي السياحي في محافظة ماراموريش، يقول :في كل مكان في ماراموريش ، تتلاقى التقاليد مع الحداثة ، فهناك نرى الزي الشعبي الشهير بغض النظر عن المنطقة التي يزورها السياح في ماراموريش.

ويضيف قائلا ” ما تزال ماراموريش في المقدمة ، مما يجعلنا ملزمين بتحديث عروضنا باستمرار أو الحفاظ عليها على الأقل عند مستوى التطلعات. معالمنا السياحية هنا تبدأ من المعلم الأكثر أهمية و تفضيلا من قبل السياح هو قطار موكانيتسا . نحن أيضًا المحافظة الوحيدة التي تضم ثمانية معالم  لليونسكو متجمعة في منطقة واحدة ، جعلناها نحن ضمن دورة سياحية أخرى . بالإضافة إلى ذلك ، توجد هنا كنائس خشبية قديمة تستحق أن تكون من معالم اليونسكو. كما أن السياحة الجبلية آخذة في النمو هي أيضا، ويقدر معظم السياح مسارالدراجات الموجود هنا و الذي يبلغ طوله 80 كيلومترا ، حيث لا يلتقون فيهابالسيارات أبدا”.

جولة في  بيستريتا ناسود!

في منطقة بيستريتا ناسود تحلو جولتنا إلى مناطق العنب و النبيذ بجمال الطبيعة الساحرة هناك   ,إنها أماكن جميلة جدا فيها فنادق صغيرة (بنسيونات ) ريفية متطورة ، حيث يمكن للسياح التعرف على العادات والتقاليد في بيستريتا ناسود.  

هناك أيضًا تجربة فريدة هي المرور عبر طريق النبيذ. فإذا كان الساكسونيون قد جلبوا إلى تلك المحافظة في العام 1600 أول أشجار العنب، فإن النظام الشيوعي قد حافظ عليها، و طورها ، لتختفي بعد عام 1989 لفترة طويلة ، ثم لتعود منذ بضع سنوات للظهور من جديد على يد بعض المنتجين المحليين المحبين للزراعة الذين قرروا إحياء تقليد صناعة النبيذ في بيستريتا ناسود.

تجربة مثيرة!  في تلك القرى الجبلية القابعة في مكان نسيه العالم ، حيث السعادة والجمال والهدوء في كل مكان ,ستجدون الجنة على الأرض. هناك يتم اختيار الطعام من خيرات الحدائق الغنية بكل مالذ وطاب. و حيث يصنع الخبز في الفرن ، وستتمكن من تذوق الشراب الذي تصنعه لينوتسا ، والذي يطلق عليه “سعادة الغابة”. كما يمكنكم الاستمتاع بالمغارات والبحيرات والوديان والشلالات والأنهار الجبلية “. ولاحظت خلال تلك الجولة المثيرة ان أفضل خيار هو الذي يشمل الإقامة في المضافات الريفية. حيث يكون السائح أقرب بكثير إلى تقاليد وعادات كل منطقة في الريف الساحر.