جولة في ام قيس .. قرية اردنية تطل علي فلسطين ولبنان وسوريا

أنت الآن تشاهد جولة في ام قيس .. قرية اردنية تطل علي فلسطين ولبنان وسوريا

ام قيس ( شمال الاردن ) – د. جمال المجايدة :

وصلنا الي قرية ام قيس صباحا قادمين اليها من عمان مرورا بمدينة اربد الاردنية , كانت القرية هادئة تماما , لااحد هناك يعكر صفوها فهي القرية الرائعة الصامتة الوادعة الهادئة التي تتربع علي قمة الجبل في احضان التاريخ الروماني العربي وتحظي بجغرافية من نوع خاص .

 ام قيس قرية فريدة من نوعها علي خارطة عالمنا العربي , فمن اعلي قممها الجبلية شاهدنا ارض فلسطين ولبنان وسوريا والاردن والتقطنا الصور لضفاف بحيرة طبرية وصفد  ونبشنا في ذاكرة التاريخ لمعرفة القليل عن الحضارات التي قطنت ام قيس منذ اربعة الاف عام وحتي يومنا هذا !

تعرف القرية ايضا باسم / جدارا / و تقع على تله مرتفعه شمال الأردن وتشرف على بحيرة طبريا وهضبة الجولان.تعتبر من أبرز المواقع السياحية في الأردن وتشتهر بمدرجاتها ومبانيها اليونانية والرومانية.

تقع أم قيس على بعد 20 كم شمال مدينة اربد،   فوق مرتفع يعلو 364 مترا، عن سطح البحر، يحدها من الشمال ويفصلها عن هضبة الجولان نهر اليرموك ومن الجنوب وادي العرب الممتد من اربد حتى الشونة الشمالية غربا، ومن الغرب بحيرة طبريا،  

آثارها تقع على تلة عريضة ترتفع 378 م فوق سطح البحر ويعود تاريخها لزمن اليونان القرن السابع قبل لميلاد تحت حكم بطليموس وكانت آنذاك تعرف بمدينة جدارا.

في سنة 218 ق.م كان بطليموس الرابع (221-203 ق.م) ملك مصر يحكم فلسطين والأردن وهاجمه أنطيوخوس الثالث السلوقي (223-186 ق.م) بحملة عسكرية وسيطر على الجليل، واجتاز نهر الأردن واستولى على أجزاء من شمال الأردن واستسلمت له جدارا، وهكذا وصلت إليها الحضارة اليونانية.

بقيت جدارا، تنعم بالهدوء والاستقرار حتى سنة 162 عندما اجتاز الفرس نهر الفرات، واجتاحوا سورية واحتلوا مدُنها وهبّ الامبراطور الروماني ماركوس أوريليوس (161-180 م) لمقاومة الفرس وجهز الجيوش.

عثر بمدينة أم قيس -جدارا- على كتابة كانت على قبر أحد الجنود من الكتيبة الرابعة عشرة (جامينا) التي تشير إلى الفرقة التي وصلت إلى أم قيس. في سنة 614 احتلتها الجيوش الفارسية ودمّرت كنائسها، ولم ترحم سكانها، وفي سنة 635 حررتها الجيوش الإسلامية من سيطره الرومان بقيادة شرحبيل بن حسنة زمن الخليفة عمر بن الخطاب.

عندما تدخل مدينة ” أم قيس ” الأثرية تواجهك عبارة ٌ منقوشة على حجر الشاهد الذي كان منصوبا ً على قبر الشــاعر الكبير القديـــــم ” أرابيوس ” يخاطب فيها الضيوف قائلا ً ” أيّهـَا المـَارُّ مِن هـُنا، كمَا أنت َ الآنَ، كنت ُ أنا، وكمـَا أنا َ الآن َ، سـَـتكون ُ أنت َ، فتمتـّع بالحياةِ لأنكَ فان “.

لقد اشتهرت المدن الهلنستية – الرومانية بنقل المياه من الينابيع حتى وان كانت من مسافات بعيدة، ولكون المدينة الرومانية تحتوي على حمامات ومرافق كثيرة، فان الحاجة لعمل نظام كان من أهم ضرورات الدولة الرومانية.

ولم يكن السبب فقط من اجل تلك المرافق بل السبب الرئيسي هو تلبية حاجة الإنسان والحيوان وللإغراض الزراعية، فلذلك تم قطع الإنفاق وبناء الجسور المائية ونحتت الآبار والخزانات وغيرها. مما كون لمدينة أم قيس مركزا للاستقرار البشري في العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.

وان الينابيع الرئيسة في أم قيس لا تفي بحاجة المدينة الرومانية، بسبب ان هذه الينابيع كانت اخفض بكثير من مستوى الموقع ومن الأمثلة على الينابيع عين أم قيس وماقوق ووعين أم التراب غيرها كينابيع دائمة تخدم الإغراض الزراعية بشكل مباشر. فكان الاعتماد الرئيسي في أم قيس على مياه الأمطار،

ان أفضل ما بناه الرومان في أم قيس هو الجسر الذي كان يحمل فوقه قناة لنقل المياه وكان لموقعها ما بين الحافة الشرقية (الاكروبولوس)، والحافة الغربية من البلدة الحديثة حيث كان يتميز بوجود واد عميق يصعب نقل المياه من الحافة الشرقية إلى الحافة الغربية ثم إلى المدينة ولتفادي مثل هذه الصعوبات فقد تم بناء جسر يعتمد على الأقواس، يحمل فوقه قناة لتوصيل الماء وهي على شبه كبير من الجسر الموجود في قيساريا مارتيما  .

في الحقبة التركية التي استمرت قرابة 600 نعمت القرية الحدودية بالاستقرار وتحولت الي مركز للجمارك لوقوعها علي حدود اربعة اقاليم هامة ويقام ان اسمها متشق من كلمة / مكوس / بالتركية اي جمارك . وبني الاتراك علي انقاضها مدينة جديدة للوالي العثماني لاتزال حتي يومنا هذا تعاني من الاهمال اذ ان اعمال الترميم التي تقوم بها  وزارة السياحة والاثار الاردنية تبدو بطيئة , ورغم ذلك فان القرية تشكل نقطة جذب رئيسية للسياح في شمال الاردن خاصة لاولئك الراغبين في التعرف طبيعة الشمال ونقطة الالتقاء عبر الوديان والجبال بين اربع دول عربية .