طشقند – اوزبكستان د.جمال المجايدة :
أمضيت اسبوعاً في اوزبكستان ( مايو 2023 ) للتعرف على ملامح تلك الدولة الواقعة في اسيا الوسطى , فهي دولة حاضرة لها تاريخ عريق وحضور مثير في العلوم والمعارف، إلى جانبِ امتلاكها طبيعة خلابة أضفت على المكانة المرموقة جمالاً آخّاذاً،
أقمت في احد الفنادق ذات الخمس نجوم وسط العاصمة طشقند , وتجولت في جبالها وبحيراتها وانهارها وغاباتها الخضراء الساحرة , كنت طوال الوقت شغوفاً باستكشاف المزيد من تلك الطبيعة النادرة والتي قلما يجدها الانسان اليوم ,
كان السائق الازوبكي شغوفاً ايضا يحاول جاهدا ان يجتهد لكي ازور اكبر قدر ممكن من المشاهد الطبيعية والحياة الريفية والمزراع والقلاع والحصون والاماكن الاثرية . ففي وقت قصير قمت بالكثير من الأنشطة والجولات، لمشاهدة المعالم السياحية الثقافية والبيئية، وقمت بالعديد من المغامرات خاصة القمم الجبلية التي لاتزال مغطاة بالثلوج والصعود اليها بالتلفريك المكشوف،
تتميز أوزبكستان بعاداتها وتقاليدها، إضافًة للطبيعة البسيطة الهادئة وتزخر بعبق التاريخ والمدن الشهيرة التي قدمت كبار العلماء والمفكرين، مثل: طشقند وخوارزم وسمرقند وبخارى.
مدينة طشقند
تتميز طشقند عاصمة أوزبكستان بجمالها وحسن تنسيقها وكثرة حدائقها الخضراء والنوافير والابنية والتماثيل المميزة وحدائق الفاكهة والاسواق التاريخية .وتعدّ المدينة موطنًا لأكثر المعالم شهرةً في أوزبكستان، منها: مجمع ريجستان، وقبر تامرلان في ضريح غوري الأمير، وضريح شاه زندا ومرصد أولوغبيك ومسجد بيبي خانوم.
قصر رحمانوف
يعتبر القصر أحد أهم الأماكن السياحية في أوزبكستان، ويقع في مدينة طشقند، ويرجع تاريخ بناء القصر إلى عام 1891، والذي شيّده الأمير المنفي رحمانوف.
حديقة أوغام تشاتكال
تعدّ أكبر حديقة وطنية في أوزبكستان، حيث تبلغ مساحتها 574600 هكتار، وتشكّل فرصةً فريدةً لمشاهدة الطبيعة الجميلة، حيث تخضّر الوديان الجبلية العالية بشكل مدهش.
يقول رئيس اللجنة الحكومية لتنمية السياحة عزيز عبد الحكيموف إلى أن الإصلاحات التي تم تنفيذها في بلادنا لزيادة نمو السياحة تقتضي الحاجة إلى موظفين مؤهلين تأهيلا عاليا للقطاع.
واشار الى أن «أوزبكستان، التي لها تاريخ عريق وتعد جزءاً من مهد الحضارة العالمية، هي موطن العلماء العظماء»، مع الأخذ في عين الاعتبار، ان العديد من السياح من جميع أنحاء العالم يرغبون في زيارة اوزبكستان، ورؤية طبيعتها الفريدة، ومعرفة تاريخها والتراث الروحي الذي خلفه أسلافنا اللامعون، هذا هو أحد العوامل التي تحدد مكانة وصورة أوزبكستان في العالم.
وفي الواقع منذ العصور القديمة اشتهرت أرض اوزبكستان في جميع أنحاء العالم ليس فقط بحقيقة أنها كانت مهد التنوير، ولها مناخ فريد وطبيعة، ولكن أيضا لعلمائها ومربيها العظماء، ويمكن ملاحظة ذلك في المدن القديمة مثل سمرقند، وبخارى، وخوارزم، وقوقند، وكيش، وناساف، وعلماء مثل البخاري، والنسافي، والترميزي، والفيرغاني، والشوشي، والزمخشري، اضافة لكل هذا التراث الروحي
اشهر الاسواق : ألاي بازار،
يعتبر سوق ألاي (Alay Bazaar) من أقدم الأسواق في أوزباكستان ويعتقد أن تاريخه يرجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
نشأ السوق بداية كمحطة تجارية في طريق الحرير لبيع الأغنام والماشية ثم تحول لاحقاً إلى سوق كبيراً نظراً لموقعه الجغرافي.
يعرض الآن في السوق جميع أنواع البضائع بدءًا من الحلويات الشرقية، وأنواع الفواكه الغريبة وانتهاء بالمجوهرات والذهب والفضيات.
شرسو بازار،
سوق شرسو (Bazaar Chorsu) من أقدم الأسواق ايضاً في اوزباكستان إذ يرجع تاريخ وجوده إلى نحو 100 عام مضت.
لا يزال السوق يحتفظ ببعض ملامح السوق القديم مثل القباب العالية التي تقي الباعة والمشترين حرارة الشمس.
يعد سوق شرسو مجمعاً تجارياً متكاملاً يعرض كل أنواع البضائع مثل الفاكهة الطازجة والمجففة، الخبز الاوزباكستاني الخاص المعروف باسم «ليبيشكا»، لحوم الخيول، والملابس وغيرها.
مدينة سمرقند
تعدّ سمرقند ثاني أكبر المدن بعد العاصمة طشقند، وتعتبر من المدن القديمة حيث يزيد عمرها على 2750 عامًا، شهدت خلالها العديد من الأحداث التاريخية.
تتميز مدينة سمرقند بمناخ ثقافي متنوع يمزج عدة حضارات تتقارب فيما بينها كالفارسية والهندية والعربية والأوربية، حيث اختارتها منظمة اليونسكو على قائمة اليونسكو للتراث الانساني نظرًا لأهميتها ومقتنياتها من الآثار الفريدة.
خيوة (خوارزم)
كانت تسمى قديمًا بمدينة خوارزم، وتقع المدينة في غرب أوزبكستان، كما ولد فيها العديد من العلماء المسلمين، وتضم المدينة القديمة أكثر من 50 نصبًا تاريخيًا و250 منزلًا قديمًا، يرجع معظمها إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كما تندرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
بخارى:
مسقط رأس إمام الحديث البخاري رضي الله عنه، هدمها جنكيزخان وأعاد بناءها تيمورلنك ثم حكمها الأوزبك من عائلة (بني منغيت) وهم قوم علم وجاه حتى سقطت في أيدي الروس عام 1921م. تقع في الجنوب الغربي على ضفاف نهر (أفشان) وهي مدينة شرقية إسلامية تُعد واحة كبرى تحيط بها أرض قاحلة. ترمذ: وقد اشتهرت عبر التاريخ الإسلامي بمدارسها ومعاهدها، وأشهر من نبغ فيها الأمام الترمذي.
ومن الأقاليم المشهورة إقليم صوغنيان وهو أول ما يصادفنا من بلاد ما وراء جيحون في جنوب أوزبكستان. عاصمة الإقليم مدينة صوغنيان فتحها قتيبة بن مسلم الباهلي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهم. أنغرن ولينسيك: مدن صناعية حديثة ذات طابع غربي يكثر فيها الروس. ومن المدن الحديثة أيضاً: بيكاباد وشيرشك ونافوس.
احتلت بخارى مكانة جغرافية جديرة بالاهتمام في نظر العرب المسلمين الفاتحين، وذلك لقربها من خراسان، فكانت لها مكانة فريدة تبوأتها بين سائر مدن وأقاليم آسيا الوسطى بصورة خاصة، وأقاليم الشرق بصورة عامة، فمنها كانت تمتد الطرق جهة الشرق حيث سائر بلاد الترك، ومن خلالها نفذ التجار منذ القدم، ولما نجح المسلمون الأوائل في فتح بخارى انطلقت عقيدة الوحدانية في ظل المكانة التي تبوأتها هذه المدينة تشق طريقها إلى ان بلغت آفاق الشرق بعد فترة من الوقت مضت على ذلك الفتح المبارك.
وقد أسهم عاملي العقيدة الإسلامية والجغرافيا في الدور التاريخي المهم الذي لعبته بخارى في نشر الإسلام والحضارة الإسلامية على مدى فترة زمنية طويلة الأجل الأمر الذي يعكس مدى اهتمام الحكام المسلمين بهذا الإقليم، ورغبة الكثير منهم في جعل هذه المدينة عاصمة لدولته. اما عن سبب تسميتها فيذكر الجويني انه كان يوجد ببخارى معابد للبوذية، وأورد ما يفيد ان بخارى مشتقة من (بخار) وهي بلغة (المعان) رجال الدين الزرادشت تعني (مجمع العلوم)، رواية أخرى تقول ان الاسم مأخوذ من أصل سنسكريتي من كلمة (فيهار) وتعني الصومعة أو الدير.
وهذه المدينة أنجبت الإمام البخاري إمام المحدثين وصاحب الجامع الصحيح للحديث النبوي الشريف الذي يعتبر اصح كتاب بعد القرآن الكريم، ولو لم تنجب أحدا غيره لكفاها ذلك فخرا، كما أنجبت الإمام بهاء الدين النقشبندي الذي يعتبر قطب الطريقة الصوفية النقشبندية التي انتشرت في العالم الإسلامي، وكانت في القرن العاشر والحادي عشر عاصمة لدولة السامانيين، وفي القرن السادس عشر أصبحت عاصمة لدولة الخاناتت. وقد نفت القوات الروسية الغازية آخر أمير لبخارى من الخانات عند دخولها المدينة عام 1920 م، وأعلنت حينها بخارى جمهورية مستقلة. في عام 1925 م أعيدت بخارى إلى الوطن الام جمهورية أوزبكستان الاشتراكية السوفييتية. وأعلنت منظمة اليونسكو ان مركز المدينة يعتبر من المواقع المعمارية التي تحظى بحمايتها. يوجد في بخارى أقدم الآثار الإنسانية التي تعود إلى 2500 سنة، ولعل من أبرزها وأقدمها آثار قلعة اراك.