سويتو .. مدينة الحزن المقيم والمستقبل المظلم !
سويتو – د.جمال المجايدة
خلال جولة طويلة في سويتو حيث مخيمات السود في جنوب افريقيا , توجهنا إلى مطعم باحدي ضواحي سويتو يدعي مطعم Sakhumzi) ) ويقع المطعم في شارع Vialkazi street وفهمت من احد مسؤولي هيئة سياحة جوهانسبرغ الذي رافقني علي الغذاء , ان هذا هو اشهر شارع في العالم , لان هناك اثنين من حملة جائزة نوبل للسلام كانا يقيمان فيه , وهما نلسون مانديلا ايقونة جنوب افريقيا الراحل والقس الراحل ديزموند توتو الذي ساهم في انجاح ثورة السود علي المستوطنين العنصريين في البلاد .
المطعم ملاصق لمنزل القس توتو فعلا , حتي قبل ان نتناول الطعام ذهبنا الي بوابة المنزل لالتقاط الصور , القس طبعا كان في تلك الفترة مسافرا ولاية اطلاطنا الامريكية لزيارة انجاله !
جلسنا على طاولة خشبية في الهواء الطلق لتناول وجبة الغذاء المكونة من ماكولات شعبية في سويتو يعرفها اهل الحي فقط , وصاحب المطعم جاء للترحيب والتقاط الصور معنا ويبدو ان الرجل ذكي , لانه عرف اين ينشئ مطعمه ؟ أي بين منزلى مانديلا وتوتو !
يقول مالك المطعم ان الفكرة تشغيل اكبر عدد من بنات وابناء سويتو , وجلب المزيد من السياح الي الشارع الشهير لتعريف العالم بان سويتو ارض الثورة والحرية وليس ارض الجريمة والايدز كما هو معروف عنها على نطاق واسع .
الناس في سويتو طيبون :
واصلنا الجولة في مدينة (سويتو) معقل السود ابان فترة الفصل العنصري التي استغرقت قرابة 55 عاما في جنوب افريقيا , وبادرنا السائق المرافق لنا ويعرف باسم ( بي جيه ) بالقول : هنا في سويتو الناس تاخذ القانون بيدها ولاتنتظر الدولة ! اذا تعرض شخص لاخر فان المحيطين يعيدون حقه له ! هنا امن واستقرار , الجريمة خارج سويتو
الي ان اجتازت بنا الحافلة سويتو , التي بدت لنا للوهلة الاولي مدنية رثه بيوتها مزيج من الطبقة المتوسطة والمحرومة المعدمة , اسواقها شعبية مكتضة وصراخ الباعة المتجولين يختلط مع المارة , الا انه يستحيل ان يتجول المرء ولو للحظة واحدة في سويتو المدينة لانه لايدري من اين ياتيه الخطر المفاجئ !
المدينة شاسعة جدا وفقيرة جدا ومظلمة جدا ايضا , فالخدمات فيها متدنية ومعظم احيائها بلا ماء او كهرباء او اتصالات , ولاتزال ترمز الي عهد الفصل العنصري البائد الذي حرم السود من العيش في مدن المستوطين الرئيسية في البلاد واصر علي بقائهم داخل سويتو , من هناك تولدت الكراهية والحقد ضد البيض ايا كانوا ! لذلك فان الانسان العاقل لن يعرض نفسه للخطر فالفقراء لايميزون !
اقترح السائق ان نزور احدي مخيمات البؤس للسود في ضواحي سويتو , وتعهد بضمان امننا الشخصي , وقال انني انتمي الي تلك المنطقة واعرفها جيدا واناسها بسطاء , ما ان نزلنا من الحافلة حتي قام السائق بتعيين مرشد سياحي لنا لكي يتجول معنا في مخيم السود مقابل ثلاث دولارات ! والسائق دخل الي خيمة صغيرة يحيط بها اطفال وشباب فقراء واذا بها صالون حلاقة في الهواء الطلق ,
المخيم بائس والاطفال محرومين من المياه والكهرباء والانترنت والنساء جالسات امام بيوتهن المصنوعة من الصفيح و الاخشاب والرجال لاهثون وراء لقمة العيش او كسالي خلف الاسوار الشائكة التي تحيط بالمخيم , وكلاب المخيم ايضا جائعة , وحواريه الضيقة الرملية تضيق بالاطفال الباعة الذي يركضون الي كل زائر املا في الحصول على قليل من النقود !
اصرت احدي الامهات ان ندخل الي منزلها , حياة اخري فقط ترجع الي عصر الفحم الحجري او العصر الحجري ذاته , يالها من حياة كارثية ! ياله من حاضر اسود ومستقبل قاتم السواد , ففي تلك البقعة من الارض توجد اعلي معدلات للاصابة بالايدز في العالم , ولاتدخل من الدولة لانقاذ الارواح من الموت بالايدز, الناجم ايضا عن الفقر والجهل والتخلف والامية والبطالة والتشرد , ففي كل يوم يموت المئات من ابناء تلك المنطقة المنكوبة وهناك غيرها كثير في جنوب افريقيا السوداء !