أسبانيا – د.جمال المجايدة : زرت مدينة سرقسطة أو Zaragoza الاسبانية مرتين وفي كل مرة رأيت أشياء تسلب العقل من التاريخ الروماني الى الاندلسي , فهي من المدن التي أنشأها الرومان منذ ما يقرب من ألفي عام .كما انها تعتبر مدينة ضاربة في التاريخ، نابضة بالحياة، تشهد شوارعها مجموعة من المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية التي يستمتع بها السياح.
تجولت في شوارعها ومبانيها التاريخية من متاحف وقلاع وحصون وأسواق شعبية كما زرت مساجدها وكنائسها التي بناها العرب والمسلمين بالتعاون مع الاسبان ليقيموا للإنسانية صروحاً من الفن المعماري والهندسة التي لامثيل لها في أوروبا .
قصر الجعفرية
تجولت في ارجاء هذا القصر المنيف الذي أُسس في عهد الأمير المقتدر بن هود في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، عرف القصر ايضاُ باسم “قصر السرور” تم تأسيس القصر علي نمط العمارة بقرطبة وضم محراب للصلاة وقاعة صممت خصيصا للتدارس والاحتفالات.
تقول المراجع التاريخية في القصر ان مدينة سرقسطة شهدت عددا من الأحداث التاريخية، لعل أهمها افتتاح موسي بن نصير للمدينة وبالتالي طي صفحة القوط ببلاد الأندلس، ونظراً للأهمية العسكرية للمدينة كانت تسمي ” الثغر الأعلي”.
يذكر ان الحكم الإسلامي لسرقسطة استمر لمدة أربعة قرون حتي سقطت المدينة في عهد المرابطين في عام 1118.
تقع سرقسطة شمال شرق اسبانيا، علي نهر إبرة، علي مساحة 973.78 كم2، ويبلغ عدد سكانها حوالي 6740.725 نسمة و هي عاصمة أراغون حالياً.
اكتسبت سرقسطة اسمها من القيصر اغسطس الذي انشأها وجعل لها أربعة أبواب، وتحور اسمها فيما بعد لسرقسطة، شهدت المدينة منذ انشائها سلسة من الأحداث التاريخية الهامة ابرزها فتح المدينة علي يد موسي بن نصير في عام 714م، ومنذ ذلك التاريخ شهدت المدينة نهضة ثقافية وحضارية ما زالت آثارها باقية حتي الآن.
مدينة المفكرين
تعتبر سرقطسة أيضا مدينة المفكرين فقد احتضنت عدد كبير من المفكرين والفقهاء والفلاسفة والعلماء الذي حملوا اسم المدينة منهم علي سبيل المثال لا الحصر: فصحون السرقسطي صاحب كتاب “شجرة الحكمة”، والمازني السرقسطي صاحب كتاب “شرح الكامل في اللغة” والفيلسوف بن باجه، وثابت بن عبد العزيز السرقسطي.
مقصد سياحي الآن تعتبر سرقسطة من أجمل المدن الإسبانية ومقصدا سياحيا لعدد كبير من السياح حول العالم، تمتاز المدينة التي تعتمد علي زراعة الخضروات والفاكهة في اقتصادها، بالبساتين الرائعة المنتشرة بها، علاوة علي مائها العذب، الذي قال فيه موسي بن نصير عند افتتاح المدينة ” لم أذق ماء أعذب من ماء سرقسطة”، علاوة علي عدد كبير من المعالم الأثرية المنتشرة بالمدينة والتي تحمل البصمة الخاصة للتنوع الثقافي بسرقسطة.يتميز سكان سرقسطة بالطيبة وقبول الآخر، فليس لديهم عنصرية أو كره للآخرين، ويعود جذور بعضهم لأصول عربية أو بربرية، ما زالت المدينة التي امتزجت بأربع ثقافات مختلفة وهي الأيبرية والرومانية والمسيحية والإسلامية، تحتفظ ببعض الأسماء العربية لبعض المعالم الأثرية والشوارع والمدن.



