حلب – د.جمال المجايدة : طقوس زيارة حمام يلبغا الناصري المجاور لقلعة حلب تختلف عما هو سائد في الحمامات الاخري , فقد استهوتني فكرة معرفة هذه الطقوس مثلما كان يفعل افراد الحاشية الحاكمة في العهد المملوكي , ذهبت الي الحمام للمرة الاولي وقالوا لي ان السبت مخصص للسيدات فقط , ذهبت ظهر الاحد , لاجد نفسي في بهو واحد من اقدم حمامات حلب التاريخية والذي شيد في العام 783 هجرية علي يد السلطان برقوق المملوكي .
ويتم الفصل تماما في الحمام بين الرجال والنساء اذ يتم تخصيص اوقات محددة لكل منهما , ولا يجوز للصبيان اصطحاب أمهاتهم إلى الحمام ، بعد بلوغهن السادسة من العمر . و تذهب النساء إلى الحمام قبل العرس و بعده ، و قبل الولادة و بعدها ، و في فترة معينة بعد وفاة الأقارب .
و عندما تذهب المرأة بعد الولادة إلى الحمام ، تدهن بطنها و أطرافها بمركب اسمه ( شيدود ) ، يقوم بشد جلد المرأة الولود ، و هو مؤلف من خل و فلفل و جوزة الطيب و العسل . و تذهب اليهوديات كل يوم جمعة بعد الظهر ، إلى الحمام للاستعداد ليوم السبت .
هذا مارواه لي المشرف علي الحمام , ثم اخذ في سرد التفاصيل لاتمام الحمام علي الطريقة المملوكية ! بعد الحمام اخذت قسطا طويلا للراحة علي الارائك الخشبية ورحت اقرأ كتابا عن المدن الاثرية في حلب وابرزها حاضرة آرامية المعروفة باسم حداتو. ثم أصبحت مقراً للحاكم الآشوري بعد ضمها إلى الإمبراطورية الآشورية.
كما ان هناك ثمة بناء كبير مجاور للمعبد سمي بيت العاجيات بسبب القطع الفنية العديدة المصنوعة من العاج والتي تعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ق.م، وتماثيل عديدة أهمها تمثال الإله حامل صندوق الأعطيات، وأهم الآثار هي تماثيل الأسود الضخمة التي كانت تحمي المعبد. وأكثرها نقل إلى استانبول في العصر العثماني الأخير. ولقد ابتدأ التنقيب في هذا التل منذ عام 1929م ومازال خافياً القسم الأعظم من آثار هذا الموقع الذي يرجع إلى القرن التاسع والثامن ق.م وحتى الحقبة الهلنستية، فالمعبد يعود إلى هذه الحقبة الأخيرة، وقد أحيطت المدينة بسور مبني من ألواح الطين وله ثلاث بوابات كانت تحرسها اسود حجرية. وقد كسيت جوانب الأسوار عند القاعدة بألواح حجرية متتابعة تحمل نقوشاً بارزة تمثل جنوداً آشوريين وبعض السكان المحليين وهم يدفعون الجزية. وتعود الأسود إلى عصر الملك الآشوري تيغلات بلاصر الثالث 744-727ق.م. وكانت هذه الأسود موضوعة عند بوابة حداتو.