136 ألف قطعة أثرية تروي أسرار الحضارة الفرعونية
القاهرة – جمال المجايدة : زرت المتحف المصري مرات عدة , وفي كل مرة اكتشف ماهو جدير بالمعرفة عن حضارة مصر الفرعونية وكيف كان الفراعنة روادا في العلوم والفنون والاختراعات والابتكارات , ففي كل ركن من اركان المتحف الواقع في ميدان التحرير , وسط القاهرة تختزن ذاكرة التاريخ القديم معالم حضارة انسانية عريقة لاتزال تحير العلماء والخبراء والباحثين لاسيما الجزء المتعلق باسرار التحنيط وصناعة المجوهرات والفنون التشكيلية والنحت .
مجرد زيارة الي المتحف المصري الحالي الذي صمم عام 1896، بواسطة المهندس الفرنسي مارسيل دورنو، تكفي لكي يتعرف المرء علي معالم واحدة من اهم الحضارات الانسانية علي وجه الارض , فالمتحف مصمم على النسق الكلاسيكي المحدث والذي يتناسب مع الآثار القديمة والكلاسيكية، ولكنه لا ينافس العمارة المصرية القديمة التي ما زالت قائمة.
كما أن القاعات الداخلية فسيحة والجدران عالية. ويدخل الضوء الطبيعي خلال ألواح الزجاج على السقف ومن الشبابيك الموجودة بالدور الأرضي. أما الردهه الوسطى بالمتحف فهي أعلى جزء من الداخل حيث عرضت فيها الآثار مثلما كانت موجودة في المعابد القديمة.
وقد روعي في المبنى أن يضم أى توسعات مستقبلية، كما يتناسب مع متطلبات سهولة حركة الزائرين من قاعة لأخرى.
ويلاحظ الزائر اثناء تجواله داخل المتحف ان الآثار وزعت على طابقين، الطابق السفلي منها يحوي الآثار الثقيلة مثل التوابيت الحجرية والتماثيل واللوحات والنقوش الجدارية.
أما الطابق العلوي فيحوي عروضا ذات موضوعات معينة مثل المخطوطات وتماثيل الأرباب والمومياوات الملكية وآثار الحياة اليومية وصور المومياوات والمنحوتات غير المكتملة وتماثيل وأواني العصر اليوناني الروماني وآثار خاصة بمعتقدات الحياة الآخرى وغيرها .
ويمكن القول ان المتحف المصري بالقاهرة يحتوي على أكبر مجموعة من الآثار المصرية القديمة، وإن نافسه المتحف البريطاني واللوفر ومتحف متروبوليتان (نيويورك) , ويقبع المتحف المصري بميدان التحرير بقلب القاهرة منذ عام 1906، يحتوي معرض المتحف على 136 ألف أثر فرعوني، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الآثار الموجودة في مخازنه.
بدأت قصة تأسيس المتحف مع الاهتمام العالمي الكبير بالآثار المصرية بعد فك رموز حجر رشيد علي يد العالم الفرنسي شامبليون.
وكانت النواة الأولي للمتحف ببيت صغير عند بركة الأزبكية القديمة حيث أمر محمد علي بتسجيل الآثار المصرية الثابتة ونقل الآثار القيمة لمتحف الأزبكية وذلك عام 1848م. بعد وفاة محمد علي عادت سرقة الآثار مرة أخري وسار خلفاءه علي نهج الإهداءات فتضاءلت مقتنيات المتحف.
وفي عام 1858م تم تعيين (مارييت) كأول مأمور (لإشغال العاديات) أي (ما يقابل حالياً رئيس مصلحة الآثار).
وقد وجد أنه لابد من وجود إدارة ومتحف للآثار ولذلك قام باختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف للآثار المصرية ونقل إليها الآثار التي عثر عليها أثناء حفائره (مثل آثار مقبرة إعح حتب).
وفي عام 1863م قام الخديوي إسماعيل بإقرار مشروع إنشاء متحف للآثار المصرية ولكن لم ينفذ المشروع وإنما اكتفي بإعطاء مارييت (عر بخانة) أمام دار الأنتيكخانة في بولاق ليوسع متحفه.
في عام 1878م حدث ارتفاع شديد في فيضان النيل مما تسبب في إغراق متحف بولاق وضياع بعض محتوياته.
في عام 1881م أعيد افتتاح المتحف وفي نفس العام توفي مارييت وخلفه (ماسبيرو) كمدير للآثار وللمتحف.
في عام 1891م وعندما تزايدت مجموعات متحف بولاق تم نقلها إلي سراي الجيزة.
وعندما جاء العالم (دي مورجان) كرئيس للمصلحة والمتحف قام بإعادة تنسيق هذه المجموعات في المتحف الجديد الذي عرف باسم متحف الجيزة.
وفي الفترة من 1897 – 1899م جاء لوريه Loret كخليفة لدي مورجان.
ولكن عاد ماسبيرو مرة أخري ليدير المصلحة والمتحف من عام 1899 – 1914م وفي عام 1902م قام بنقل الآثار إلي المبني الحالي للمتحف (في ميدان التحرير) وكان من أكثر مساعديه نشاطاً في فترة عمله الثانية العالم المصري أحمد باشا كمال والذي كان أول من تخصص في الآثار المصرية القديمة وعمل لسنوات طويلة بالمتحف.
أما أول مدير مصري للمتحف فكان هو (محمود حمزة) وتم تعيينه عام 1950م.هذا وقد كان للمتحف دليل موجز من وضع ماسبيرو يرجع إلي عام 1883م إلا انه قام بعمل دليل كبير للمتحف الجديد ظل يطبع ويكرر من عام 1915م وحتى الآن (ولكن مع مجموعة من التعديلات).
مقتنيات المتحف
يتكون المتحف من طابقين خصص الأرضي منها للآثار الثقيلة أما العلوي فقد خصص للآثار الخفيفة والمجموعات الكاملة (مثل مجموعة توت عنخ آمون).
ويضم المتحف عدد هائل من الآثار المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ وحتي نهاية العصر الفرعوني بالإضافة إلي بعض الآثار اليونانية والرومانية.
نذكر علي سبيل المثال من :1- مجموعة من الأواني الفخارية (من عصور ما قبل التاريخ). 2- صلاية نعرمر (عصر التوحيد). 3- تمثال خع سخم (الأسرة 2). 4- تمثال زوسر (الأسرة 3).
5- تماثيل خوفو/خفرع/منكاورع (الأسرة 4). 6- تمثال كاعبر/تماثيل الخدم (الأسرة 5). 7- تمثال القزم سنب (الأسرة 6). 8- تمثال منتوحتب نب حبت رع (الأسرة 11). 9- تماثيل أمنمحات الأول/ الثاني/ الثالث (الأسرة 12). 10- تمثال الكا للملك حور (الأسرة 13). 11- تماثيل حتشبسوت/ تحتمس الثالث (الأسرة 18). 12- مجموعة توت عنخ آمون (الأسرة 18). 13- مجموعة كنوز تانيس .
كنوز الملك توت عنخ آمون !
أكثر ما لفت نظري فكانت كنوز الملك الفرعوني “توت عنخ آمون”، وهو أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، والتي صُنعت أغلبيتها من الذهب بمنتهي الدقة والبراعة، وهو الأمر الذي يثير إعجاب ودهشة كل من تقع عينه عليها.
وقد تم اكتشاف مقبرته كاملة في “وادي الملوك” بالبر الغربي للأقصر، تلك المقبرة التي ضمت كنوزا أثرية ليس لها مثيل.
ويلاحظ الزائر ان الآثار قسمت حسب اهميتها او كمية توفرها كالقسم السادس والسابع، اما الترتيبات الثاني والثالث والرابع فكانت على اساس الترتيب الزمني و روعي ضم أهم الاثار في قسم والفترات الرئيسية الاخرى في قسم اخر،وعلى النحو التالي:
• القسم الاول :اثار الملك توت عنخ امون وهي حصيلة اكتشاف مقبرة واحدة لفترة زمنية واحدة بلغت الاثار فيها أكثر من 3500 قطعة اثرية من الذهب بالاضافة إلى المومياوات.
• القسم الثاني : الدولة القديمة وهي احدى الفترات المزدهرة في تاريخ مصر القديمة وهي فترة بناء الاهرامات وفترة الملك خوفو وهي الفترة التي حكم فيها اربع اسر حاكمة” من الثالثة ـ السادسة “.
• القسم الثالث : الدولة الوسطى.
• القسم الرابع :الدولة الحديثة وهي فترة الامبراطورية العظيمة فترة رمسيس الثاني و توت عنخ امون ومرنبتاح واخناتون وتحتمس
• القسم الخامس: من الاسرة” 21 إلى 30 “ اي وصولاً لدخول الاسكندر الأكبر إلى مصر.
• القسم السادس: قسم البردي والعملة، والتي جمعت فيها فيها كل البرديات.
• القسم السابع : قسم” الجعارين “.
بعد الجولة المليئة بالحكايات والاسرار داخل المتحف لابد من القول ان الاجراءات الامنية التي تتخذها ادارة امن المتحف اعادت الثقة للزوار من كافة انحاء العالم فلم تعد هناك مخاوف من قيام متطرفين باعمال ارهابية مثلما حدث قبل سنوات نظرا لاجراءات الامن الدقيقة والتي تكفل امن وحماية زوار المتحف .