شنغهاي – د. جمال المجايدة :
وصلنا الي شنغهاي عصرا قادمين اليها من دبي , ما ان تسلمنا مفاتيح غرفنا في الفندق حتي توجهنا الي وسط المدينة لاستشكاف معالمها , المثيرة !
هي بحق جوهرة الشرق المدينة الهادئة , شنغهاي معناها فوق البحر وهي أكبر مدن الـصين من حيث تعداد السكان، وعاصمة البلاد الإقتصادية.تقع في وسط ساحل بر الصين وعند مصب نهر اليانغتسي ,وتتمتع بموقع جغرافي متميز جعل منها مرفأً تجارياً مهماّ و إحدى أكبر أقطاب الصناعة في البلاد.
واذا ماتجولنا في تاريخ المدينة نجد انها شنغهاي كمدينة صيد صغيرة . وحتى القرن الثامن عشر، لم يكن لها شأنٌ يُذكر في تاريخ البلاد. في عام 1842، وبعد “إتفاقية نانكين”، بدأت المدينة عهداً جديد مع انفتاحها على التجارة الخارجية. وضعت الإتفاقية الموقعة حداً لحروب الأفيون بين بريطانيا والـصين،و أصبحت “شانغهاي” منطقة امتيازات بريطانية. ثم حصّلت دول أخرى كـ”فرنسا” والولايات المتحدة على امتيازات مماثلة في المدينة. شجع هذا المناخ العديد من البنوك والشركات التجارة العالمية على الاستقرار في هذه المنطقة الخاصة التي كانت تقع تحت الإدارة الغربية. عام 1857 م حصلت بريطانيا على حق الإبحار في نهر “يانغتسي”،و عرفت التجارة في شانغهاي ازدهارا حقيقيا .
مدينة تعانق السحاب !
تتميز المدينة بناطحات السحب حيث يوجد فيها أكثر من 4500 ناطحة سحاب، يبلغ ارتفاع أعلاها 488 متراً , ناطحات السحاب في حي بودونغ في شانغهاي وخاصة مبنى بودونغ المتميز، والذي يعد أعلى المباني في المدينة , يقع حي بودونغ الجديد والذي يبعد عن أحياء مدينة شانغهاي القديمة على الضفة الأخرى من نهر هوانغبو . وتهدف الحكومة الصينية إلى تنمية حي بودونغ الجديد ثم فتحه على العالم الخارجي، وتتوقع أن يتحول إلى أهم المناطق الإقتصادية على المستوى العالمي والقلب النابض للمدينة.
تعتبر شانغهاي مدينة حديثة، ويتجلى ذلك في هندسة مبانيها، على غرار البنوك، مباني المكاتب ومقرات الشركات العالمية. تزخر بالعديد من المعالم السياحية والثقافية: حديقة يو (أو يويوان ومعناها حديقة البهجة، وتعود إلى القرن الـ16 م إلا أنه أعيد ترميمها عام 1956 م)،
حديقة سحب الخريف القرمزية (أو الأرجوانية)، والتي شيدت أثناء عهد سلالة منغ (1368-1644 م)، حديقة هونغ كو ومعبد بوذا المصنوع من اليشب، ويضم المقام تمثالين لبوذا .
أكثر الأمكنة ارتيادا هو متنزه تشونغشان، والذي يقع بمحذاة جادة بوند الممتدة على طول نهر هوانغبو ، وتكثر في المنطقة الحدائق والمباني القديمة ذات النمط الأوروبي، وقد شيد معظمها مابين نهاية القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20
أكبر مدن الـصين
عرفنا هناك ان شنغهاي أكبر مدن الـصين من حيث تعداد السكان، وعاصمة البلاد الإقتصادية كما انها تعتبر احدى تحف التاريخ الخالدة . تطل على الخط الساحلي لدولة الصين. ويضيف اليها هذا الموقع ميزة اضافية .وجوا ساحرا يتسم بالتنوع من فصل إلى آخر. كانت المدينة في الماضي تقتصر على بعض الأبنية الطينية والقرى الصغيرة التي تحيط بها حقول الأرز ويسكنها الفلاحون البسطاء.
عرفت المدينة باحتوائها على المواقع التاريخية والثقافية والتي أصبحت تمثل عوامل جذب مهمة للسائحين. ولعل هذا ما جعل سمعتها تتعدى حدود الصين لتأخذ شهرة عالمية بطابعها التاريخي العريق. هذا بالإضافة إلى المهرجانات الموسمية المتعددة التي تنعش الحياة في شنغهاي وتزيد من أعداد زائريها.
اولد تاون
زرت المدينة القديمة / اولد تاون / كما تعرف في اوساط السياح الاجانب هناك وامضيت فيها معظم ايام الرحلة لروعتها في كل الاوقات ولدفئ المشاعر فيها حيث تختلط الفنون والالوان والاكلات الشعبية ومظاهر الفرح والطمانينة مع اصوات بائعي ساعات الرولكس المقلدة , فلا نكاد نمشي بضع خطوات حتي يداهمك شاب او فتاة تعرض بيعك ساعة / لولكس / كما يلفظها الباعة الصينيون , بمبلغ ثلاثون دولارا امريكيا !!
والحقيقة أن هذه النهضة الشاملة يرجع الفضل فيها إلى انفتاح الصين واتجاهها نحو الغرب منذ بداية القرن التاسع عشر بكل ما فيه من حضارة ومحاولة الاستفادة منه. وقد ساعد ذلك على تأصيل الروح الحديثة والحضارية لدى الدولة خلال فترة استعمارها (1840- 1940) حيث كانت مدينة مثل شنغهاي تسمى بباريس الشرق بالإضافة إلى أننا نجد إلى الآن تأثر المباني الحديثة بالطابع الغربي.
أما ما يمتع المتفرج فعلا فهو المنظر الذي يجده المشاهد من اعلي برج للمدينة ليلا حيث تبدو المباني الشاهقة في أبهى صورها بفعل الإضاءات المختلفة والمنعكسة عليها. ولا يمكن إغفال منظر الساحل الذي تطل عليه المدينة بإضاءته المتنوعة ذات الألوان الزاهية.
ولا يقتصر الاستمتاع من سطح البرج على النظر خارجه وإنما تتجدد المتعة أيضا في النظر إلى داخل المبنى من خلال الفتحة الموجودة بطول المبنى على شكل حلقات متتالية في الحجم والتي يسميها المعماريون والكتاب أحيانا الحلقات الذهبية والتي تسمح بمرور الضوء إلى كل أجزاء المبنى كما تسمح برؤية جميع الأدواروأخذ الصور الممتعة من أعلى نقطة في البرج الذي يعد الاطول في الصين والثالث في العالم .
وتعتبر شنغهاي من أكبر مدن العالم وأشدها اكتظاظا بالسكان حيث يبلغ إجمالي المقيمين فيها بشكل دائم أو جزئي مايناهز ٢٥ مليون نسمة تتقاسمون مساحة يقدر طولها من الشمال إلي الجنوب ب 120كلم وعرضها من الغرب إلي الشرق و85كلم وكثافة سكانية كبيرة تحدد بأكثر من 2500شخص لكل كيلومتر مربع واحد، إضافة إلي مايزيد علي مليوني سيارة وحافلة و أعداد كبيرة غير محصات بدقة من الدراجات الهوائية والنارية ، لكن ورغم كل تلك الأرقام المذهلة فالمدينة لازالت تشهد إنسيابية في المرور ولايلاحظ من تجول في المدينة إلا حداثة وتطورا كبيرا في العمران والطرق السريعة وكثرة محطات المترو والمنتزهات الترفيهية وغيرها من سمات المدن الحديثة ، حتي أن الكثير من الآسيويين أصبح يسمي مدينة شنغهاي ب “نيويورك أسيا “
شنغهاي تمتلك ثالث اطول ناطحة سحاب فى اسيا واعلى ابراج التلفزيون طولا فى العالم , وبدا التغيير في شنغهاي الى المعمار الحديث وناطحات السحاب فى 1992 مع تدفق انفتاح الصين على العالم ويوجد في المدينة حاليا اكثر من 300 ناطحة سحاب اكتملت او فى طور البناء. ومدينة القرن ال 21 تعرف ايضا بباريس الصين او ملكة الشرق وهى ايضا رائدة المدن الصينية صناعيا و تجاريا و ماليا وتحتفل سنويا من منتصف اكتوبر الى نهاية نوفمبر بمهرجان السياحة . وميدان الشعب , يقع فى قلب شنغهاى وتم بناؤه و توسيعه فى 1994 وهو مركز الحياة الثقافية و السياسية فى المدينة و يقع فيه متحف شنغهاى التاريخى ومسرحها الكبير وغيرهما من معالم المدينة.
وتعمل المدينة على الحفاظ على التراث المعمارى الصينى وسط هذا الكم من المعمار الحديث وتم اختيار 12 منطقة كمناطق تاريخية وثقافية لا تمس ومن المتوقع اضافة سبع مناطق جديدة لتلك المناطق المختارة.
وتم اختيار 230 مبنى قديما كمبان من مبانى التراث التى لا تمس و تبلغ مساحتها 12 مليون متر مربع فيما يتم حاليا اقامة صندوق خاص لاعمال الحفاظ على هذه المبانى. ورغم وجود الاحياء الصينية القديمة فى شنغهاى فان المعمار الحديث طغى على هوية المعمار الصينى وادى هذا الانقسام بين موجة الاعمار الحديث والمعاصر و الحفاظ على القديم على فتح باب الجدل حول الميزان الدقيق بين القديم و الحديث.
واذا كانت هوية شنغهاى المعمارية قد اتجهت بقوة نحو معمار العولمة مع خلطه بالمعمار الصينى التقليدى فان المدينة اصبحت اطول قامة و اكثر جمالا مما كانت عليه في السابق !
جولة في نانجين رود
ومن اشهر معالم شنغهاي على الأطلاق هو شارع(نانجين رود) وهو شارع للمشاة يمتد لمسافة اثنين كيلو متر او اكثر قليلا في هذا الشارع توجد جميع انواع المطاعم العالمية كما يوجد فية مجمعات تجارية ضخمة متعددة الطوابق والجميل انة في اغلب المجمعات وفي البدروم توجد سوبر ماركت ومخبز فية جميع انواع الخضروات والفواكة.
في نهاية هذا الشارع يأتي النهر الأصفر والذي يقع على ضفتة الأخرى برج شنغهاي والذي يحتوي على مقاهي ومطاعم في اعلاة كما توجد العديد من الفعاليات على ضفاف النهر من قوارب للنزهة ورسامين وبعض المهرجين واستعرضات وغالبا تكون ليلا. ويوجد في هذا الشارع العديد من الأسواق الشعبية التي تبيع اشهر الماركات المقلدة لأشهر الساعات والجلديات ولكن تذكر دائما ان المفاصلة في السعر ضرورية جدا لأن اسعارهم في البداية تصل الى اربعة او خمس اضعاف وخصوصا الساعات وذلك للأقبال الشديد من السياح الأوروبين عليها.