د. علي القحيص
ظهرت دراسات عديدة وحديثة، خاصة في دول الخليج العربي، توضح ظاهرة نسبة تزايد العزوبية بشكل ملفت ومرتفع جداً. وتبين الإحصائيات أسباب العزوف عن الزواج لدى الشباب، وأهمها الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها الأسر، التي عصفت بكثير من دول العالم، خاصة بعد وقوع جائحة كورونا، التي قلبت الموازين رأساً على عقب، وتغيرت الظروف والسلوك والأنماط، وأصبح هناك خوف من الفشل على الإقدام على الزواج مثل هكذا ظروف صعبة تهدد مستقل الشاب وتجعله يفشل في تأسيس مؤسسة أسرية ناجحة.
وهنا نؤكد على عزوف الشباب عن الزواج وليس الإناث، لأن الشاب يقع على عاتقه مسؤولية الزوجة والأسرة والبيت والأولاد، أكثر من الأنثى.
ومن بين الأسباب تكاليف المهور الباهظة قبل الزواج، والبذخ والإسراف المفرط من أجل المكانة الاجتماعية التي يريد أي من الطرفين إبرازها.
وهناك من يخشى تكاليف تكوين الأسرة بعد الزواج، وطلبات الزوجة التي تريد أن تؤمن مستقبلها وتضمن حقوقها لكي لا تكون عالة على أهلها بعد الطلاق والفراق المتوقع، الذي أيضا ارتفعت نسبته بشكل كبير جداً، وظهرت دراسات تبين أن نسبة الطلاق بدول الخليج 25 حاله يوميا مقابل حاله زواج مرة واحدة.
بعض الشباب يضع اللوم على المرأة التي ما عادت ترضى بالشيء الهين البسيط والمعقول، مما تثقل على كاهل الزوج طلبات وشروط ثقيلة لا يستطيع الزوج توفيرها في هذه الظروف الصعبة، التي شحت فيه الموارد والمصادر وفرص العمل والتكسب.
ومما زاد الطين بلة وعقّد الأمور أكثر، بعض قوانين الأحوال الشخصية، التي أصبحت تخيف الشاب وترعبه بل تكبله بالشروط التعجيزية، والتي تنصف وتميل وتنحاز لصالح الزوجة في كثير من الأمور.
وأصبحت ملفات الطلاق تعج وتقص بها خزائن محاكم الأحوال الشخصية بشكل ملفت ومثير للغاية، وتكدست المطلقات والعوانس في منازل الآباء، أكثر مما تكدس وتقص به البيوت من أطفال المتزوجين الجدد(السعداء)، الذين الآن يفضلون العزوبية أكثر من الاقتران بالزواج.
فهل يعتبر الشاب غير المتزوج الآن أوفر حظاً وأكثر سعادة من المتزوج المكبل بالديون والقروض والالتزامات المالية وطلبات وشروط الزوجة، التي تراكمت على كاهل الشاب المتزوج؟
وهناك من النساء من يعتبر إفلاس الزوج هواية لكي لا يفكر بالزواج مرة ثانية؟ أو يختلي مع أصحابة في سفرة بعيداً عنها، وهذا أحد أسلوب بعض النساء بأن على الزواج ألا يكون لديه (فراغ أو مال)، ويظل يدور في مربع واحد تحت المجهر! ومصاريف الأولاد أيضاً سواء للمدارس أو السفر، وكذلك كيف يؤمن له مسكناً ملائماً يأوي أسرته الصغيرة لكي يستقل عن بيت والده ووالدته، والتي عادة لا ترضى الزوجة القرب منهما. وهذا أحد طلبات ورغبات شروط الزوجة (المثالية)، هو الابتعاد عن أهل الزوج مهما تكن الظروف والصعاب والحاجة، التي قال عنها رسولنا الكريم، (الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة)! وأن المرأة ينبوع من المودة والحنان، في وقت فقد الإنسان بعض مشاعر الفرح والسعادة.
*كاتب سعودي