تفاجأ العالم كله، بحرب جديدة ليست من مصلحة أحد. وهذه الحرب تنذر بالتحول – في حال خروجها عن السيطرة- إلى حرب كونية بين الشرق والغرب، قد تكون حرباً عالمية ثالثة. فالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أسفرت – إلى حد ما- عن استقطاب غربي- شرقي، ما يفتح الباب أمام توترات جديدة، في مناطق أخرى من العالم. فربما لا يتوقف التوتر عن الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، بل الخوف من امتداه إلى مناطق أخرى. وربما يصبح سبباً في عودة الصراع إلى أقاليم أخرى، ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً وتوتراً.
وما زاد القلق خطورة أكثر، وما جعل التوتر أكثر تعقيداً، هو التحدي القائم في شرق آسيا بين الصين وجزيرة تايوان، بمنطقة أصبحت في مربع التصعيد، وقد تصعب بؤرة استقطاب جديدة بين الغرب والشرق، ما يفتح الباب على أزمات جديدة.
وتعقدت الأمور أكثر من خلال مؤشرات على الانسداد السياسي والانكماش الاقتصادي والخوف والذعر من هذا الخلاف القائم بين الشرق والغرب، وما ينجم عنه من شحّ في إمدادات الغاز الطبيعي الغاز والنفط في كثير من الدول، وزادت الأزمات وشحت الموارد الغذائية، بعد محاربة دولة لم تكن بالحسبان.
وبات واضحاً بعد مرور قرابة 6 شهور على المواجهات العسكرية الروسية- الأوكرانية، أن العالم بات يعاني تداعيات هذا التوتر الخطير بين الشرق والغرب، وانعكس هذا الهجوم على كل المنطقة والعالم كله.
وأصبح العالم اليوم يتجه إلى التفكير بقوة في تأمين المخزون الغذائي وضمان تدفقات السلع، فالشعوب يهمها تأمين الطعام والحبوب خاصة القمح والزيوت، خاصة أن روسيا وأوكرانيا من أكبر الجهات االمصدرة لهذه المنتجات الزراعية الاستراتيجية.
ودفعت الأزمة الأوكرانية الراهنة إلي أهمية التوازن الاستراتيجي ف يالعلاقات بين الشرق والغرب، وأيضاً لأهمية حماية المصالح القومية من أية توترات عالمية، بما يدفع في اتجاه تعزيز القدرات الانتاجية المحلية، والاعتماد على سلاسل توريد مأمونة.
العالم الآن في غنتى عن صراعات جديدة، لأن تشابكات المصالح تجعل الجميع يتأثر بالاضطرابات والحروب، خاصة مع العولمة، والارتباط الشبكي، وتجارة الخدمات، والطفرة الرقمية الهائلة.
وأجواء التوتر تجدد أهمية تشكيل تكتلات جديدة لإعادة خريطة طريق للعلاقات الدولية، من أجل ضمان استمرارتيها في خدمة مصالح الشعوب واستقرار المجتمعات، وتلبية احتياجاتها اليومية واللوجستية.
وخوفاً من المفاجآت التي لم تستعد لها بعض الدول التي أعلنت إفلاسها، أو التي لم تستطع تأمين إمداداتها من الغاز ومشتقاته النفط، ينبغي الاهتمام بعودة الاستقرار، وتصفية أجواء التوتر، فالعالم كله أصبح أكثر ارتباطاً من ذي قبل، والاستقرار وضمان تدفق التجارة والخدمات أمران يهمان المجتمع الدولي كله.
*كاتب سعودي
