فيينا – جمال المجايدة
النمسا…مكان يتنفس الجمال وينشره في كل وقت.. وهي بلد الجمال والاكتشاف. إذ تأتيها متشوقاً وباحثاً وتغادرها مفعماً بذكريات مثيرة تحكيها للأجيال.
فكل مقاطعة من المقاطعات التسع لها طريقتها وأسلوبها بالاهتمام بك. وكل الطرق تصب في إغناء تجربتك وحواسك واستمتاعك ومعرفتك بتاريخها.. فلنتهيأ للقيام بجولة سياحية في ربوع “كارينثيا” التي استحقت بجدارة لقب “ريفييرا الألب”.
ريفييرا الألب
يُعدّ إقليم كارينثيا (الواقع في أقصى جنوب النمسا) من أجمل البقاع الخضراء في البلاد، حيث يتميز بقربه وسهولة الوصول إليه من ألمانيا وإيطاليا وسلوفينيا. وهو واحد من أفضل وجهات السفر والعطلات بالنسبة للعائلات لقضاء أحلى وأمتع التجارب المثيرة في ربوعه. وستشكل زيارة مدينة “كارينثيا” برفقة العائلة والأطفال ذكريات سعيدة لن ينسوها طيلة حياتهم.
ويُعتبر هذا الإقليم من دون شك من أجمل المناطق الطبيعية الخلابة في النمسا.. حيث تنتشر المروج الخضراء الخصبة، والتلال المتنوعة ذات البساط الأخضر على امتداد النظر.. وستحس بدفء الاستقبال منذ اللحظات الأولى للوصول، كما وستستمتع بمشاهدة أكثر من ألف بحيرة نقية ونظيفة صالحة للشرب، وهي أيضاً من المناطق الهادئة والبعيدة عن صخب الحياة، حيث الاسترخاء في أحضان الطبيعة الرائعة.
أما ” كلاجنفورت” فهي عاصمة الإقليم النمساوي (كارينثيا)، وهي من أجمل المدن في هذا الإقليم. إذ تحيط بها سلسلة من الغابات التي تغطي السهول والتلال والجبال. وإلى الجنوب منها تقع سلسلة جبال (كاراوانكن)، التي تفصل كارينثيا عن سلوفينيا وإيطاليا. كما أنّ قرب المدينة من سلوفينيا وإيطاليا، وألمانيا، يجعلها منفتحة على تلك الدول المجاورة حيث ترتبط معها بعلاقات مباشرة بواسطة المطارات ومحطات القطار من عدة مدن من ميونيخ وميلانو وفينيسيا ولوجبلجانا.
أسطورة التنين
وفقاً للأسطورة فإنه تم تأسيس مدينة كلاجنفورت بعد أن قام اثنان من رجالها الشجعان بقتل التنين الشرير (ليندويرم) في مستنقع مجاور للبحيرة بالقرب من المدينة. وقد تم تخليد هذه الملحمة البطولية بصرح يعود لعصر النهضة الأوروبية ويزن حوالي تسعة أطنان يقع في مركز المدينة. كما تم الإشارة تاريخياً إلى كيفية إنشاء هذه المدينة بشكل مبكّر منذ القرن الثاني عشر، وقد قيل بأن الدوق هيرمان أسّسها نظراً لمرورها بطريق تجاري هام كان يقطعها.
الإفطار في كارينثيا.. والغـداء في البندقية
تتميز كارينثيا الملقبة بـ “ريفييرا الألب” بحب شعبها للغناء والسياحة الصحية بالإضافة إلى موقعها المميز بين جيرانها. يمكن تشبيهها بدول مجلس التعاون الخليجي لتميزها بالتعاون مع جارتيها في الجنوب: ايطاليا وسلوفينيا و بسهولة التنقل فيما بينها فالعاصمة السلوفينية تبعد ساعة واحدة فقط بالسيارة ويمكنك تناول إفطارك في كارينثيا وستصل إلى البندقية في الوقت المناسب لتناول الغداء.
وتتميز هذه المدينة أيضا ببحيراتها الجذابة ومناخها المعتدل الشبيه بمناخ البلدان العربية.
إنّ التنزّه والتنقل في أرجاء المنطقة سهل ومنظم للغاية، ففي كلاجنفورت مثلا شبكة من الطرقات توصلك إلى 22 قلعة ومبنى تاريخي وتتيح لك زيارة معالم تاريخية فريدة مثل”شلوس هاليغ” و “دير فيكترينج” وقلعة هوخ أوستيرفيتس” الساحرة.
أينما كنت في كارينثيا تحيط بك الجبال بدأً من تلال حديقة جبال نوك القومية وانتهاءً بالقمم الصخرية لحديقة “هوي تاورن” القومية.
إن حب أهالي مدينة كارينثيا والبالغ عددهم 561 ألف شـخص للموسيقى واضح بشكل جلي فهناك 300 جوقة موسيقية وفي كل صيف يقام مهرجان موسيقي في مركز “فيلاخ” للاجتماعات وفي دير “اوسياخ”.
إن كارينثيا ليست وجهة تقليدية كغيرها من الوجهات السياحية فمن أهم سماتها أنها منطقة تحب التجدد والأفكار الجديدة وتضمن كل ما يوفر السرور والراحة لزوارها كحمامات التبن في المغاطس الخشبية والعلاج عن طريق “الأيورفيدا” وبرامج “شروت” الغذائية.
أرض الألف بحيرة
يوجد في كارينثيا 1270 جبل و بحيرة من بينها 200 بحيرة صالحة للشرب والاستحمام لنقاوة ودفئ مياهها بالإضافة إلى وجود 23 نبع مياه معدنية ومركز صحي وواحات جميلة وفنادق وعيادات تخصصية بالإضافة إلى وجود الينابيع الحارة في المنطقة الوسطى من كارينثيا وهذا ما يفسر انتشار المنتجعات الصحية ومراكز الاستجمام.
للحدائق الوطنية كحديقة هوي تاورن و حدائق جبال نوك شعبية كبيرة لدى هواة المشي وهواة ركوب الدراجات لصعود الجبال. وعند شعورك بالتعب يمكنك التوقف للاسترخاء في الأراجيح الشبكية المنتشرة في كل مكان.
نشاطات متنوعة للعائلات والأطفال
إن مدينة كارينثيا تعد من المناطق السياحية المفضلة لقضاء العطلات العائلية، حيث سيحتفظ المرء بذكريات تكاد لا تنسى عن رحلته المثيرة، وتتميز أيضاً بوجود حوالي 800 كلم من المسارات والممرات الخاصة للمشي وممارسة رياضة الدراجات الهوائية، تلك الممرات المناسبة للأطفال الصغار بدءً من عمر الثلاث سنوات، كما ويتوفر هنالك عروض السيرك المتنوعة، ويتواجد المهرجون، و رواة الحكايات، ويمكن ممارسة ركوب الخيول الصغيرة (البوني) كما وتقام حفلات الشواء في الهواء الطلق، مع إطلاق الألعاب النارية المثيرة فوق البحيرات.
ترتبط الكثير من المناطق السكنية في كارينثيا ارتباطاً وثيقاً بمنطقة البحيرات: حيث يتوفر في الإقليم (1027) بحيرة، بينها 200 بحيرة صالحة تماماً للشرب؛ ويتوفّر الكثير من الفنادق المواجهة لمياه البحيرات الهادئة، وهنالك الكثير من النشاطات المخصصة للعائلات مثل: السباحة، صيد السمك، التزلج على الماء باستخدام الشراع واعتماداً على الرياح، والغطس، والكثير من المهرجانات التي تقام حول البحيرات.
تعتبر بحيرة (وورث) من البحيرات الهامة في كارينثيا، تمتد من كلاجنفورت في الشرق إلى (فيلدين) الواقعة في الغرب، وهي محاطة من الشمال والجنوب بواسطة تل شديد الانحدار واقع عند سفح جبال الألب، مغطى بالغابات الكثيفة، حيث قمته مغطاة بالثلوج الألبية الظاهرة للعيان. أما مياه هذه البحيرة فيميزها اللون الأزرق الغامق بوضوح. وفي الشتاء تكون المنطقة غالباً مغطاة تماماً بالثلوج، وكل 10 سنوات تقريباً، يتجمد سطح هذه البحيرة، مما يجذب أعداداً كبيرة من محبي رياضة التزحلق.
هواء عليل و مناظر بانورامية تأسر الألباب
هنالك الكثير من الأماكن السياحية المثيرة مثل حديقة أوروبا(أوروبا بارك)، التي تعتبر من الحدائق الأكثر شعبية في المنطقة، وقد زارها أكثر من 4 ملايين زائر خلال العام الماضي. وتفتتح هذه الحديقة أبوابها اعتباراً من منتصف شهر مارس إلى نهاية شهر أكتوبر( فصل الصيف).. ومن بداية شهر ديسمبر حتى منتصف يناير ( فصل الشتاء). وتضم الحديقة عشرة عربات تنزلق على سكك حديدية مرتفعة وملتوية للملاهي، وهي من أقدم سكك القطارات (اكسبريس الألب). حيث تتسارع هذه العربات خلال مرورها بالكهف الألماسي، وتكمل مع النار والدخان- وأحدث هذه السكك هي ( بلو فاير).
وإضافة إلى الحديقة والركوب، فإن (حديقة أوروبا) تعتبر من المنتجعات الرئيسية. فهي تتضمن أربعة فنادق، وداراً للضيوف، وقرية (تيبي) للمخيمات.
وأكبر تلك الفنادق هو (كولوسيو) الذي يتضمن الكولوزيوم الروماني. وبموازاة الحديقة هنالك الكثير من العروض الشيقة التي تقام يومياً، مثل عروض الثلج، عروض الملاكمة، والعروض البهلوانية على المسرح الإيطالي، وإعادة مسرحيات شكسبير.
كما تفتح السينما أبوابها لعرض أحدث الأفلام الرائجة.
تتمتع حديقة (هوه تورن) الوطنية بموقعها الساحر وإطلالتها ذات المناظر البانورامية التي تأسر الألباب بجمالها، حيث تعتبر أكبر منطقة محمية في الألب. وتغطي حوالي (1800) كيلومتراً مربعاً، ويمر بهذه الحديقة النهر الجليدي (باسترز)، الذي يعد أطول نهر جليدي في جبال الألب الشرقية، ويظهر واضحاً خلال الصيف. كما تستمتع العائلات بركوب الطوافات المائية، وممارسة ركوب الخيل، والبحث عن الذهب من خلال غسل الأتربة وجزيئات الذهب الحقيقية.
إن قضاء العطلة في كارينثيا ذات الطبيعة الخلابة سيوفر بالتأكيد لجميع أفراد العائلة نشاطات وانشغالات مفيدة وممتعة، مع إعادة شحن طاقة الجسم، وتجديد الحيوية والنشاط، والاحتفاظ بذكريات طيبة لهذه الرحلة الممتعة في أحضان جبال الألب والهواء العليل المنعش للجميع.