جنيف – د. جمال المجايدة /
مااروع الصيف في جنيف , ففي كل مرة ازورها ازداد اعجابا بهذه المدينة الانيقة , اهلها وزوارها علي الدوام هادئون طيبون ,لاتجد فيها مايزعجك البتة , هواؤها النقي الذي تهب نسماته الي صدرك وقلبك من بحيرة جينف يجعلك مرتاحا طوال الوقت !
لامجال للتوتر وان تسير علي قدميك علي كورنيش البحيرة الساحرة تنسي الهموم مع نسمة هواء او زقزقة طائر او ابتسامة لزائرة في المكان ! تجلس علي مقهي صغير قرب ضفاف البحيرة ووسط حدائق قصور الاثرياء من تجار الساعات والمجوهرات وارباب المصارف , تتناول القهوة السويسرية او الايس الكريم , ثم تمضي تتابع خطواتك نحو الجمال , فما اروع تلك اللحظة التي تمضيها في حضرة الجمال المستريح علي ضفاف البحيرة قبل حلول المساء اي في اللحظة التي تتجمل فيها شمس جنيف كي تستريح ويتجهز فيها قمر الليل المضئ لكي يناجي المدينة من اعلي البحيرة في لحظة تنساب مياة نافورة جنيف التي تغرق في حلة من الاضواء الجميلة ليلا ,
مدينة جميلة ناعمة
جنيف عزيزي القارئ مدينة جميلة ناعمة يهيم الزائر بجمالها سواء في محيط البحيرة او في احيائها القديمة التي ترجع الي القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي .
ليست مدينة للاثرياء فقط !
هي فعلا مدينة السلام والامان والهدوء ومن الخطأ الاعتقاد بانها مدينة للاثرياء فقط وبامكان اي زائر ان يتذوق جمالها ويمضي فيها عطلة ففيها خدمات الفنادق والمطاعم متاحة لكل الفئات واسعارها هي مثل اي مدينة عادية في اوروبا او اسيا او الشرق الاوسط .
لقد امضيت امسيات جميلة في مهرجان صيف جنيف في الحديقة الانجليزية المقابلة للبحيرة ,
وهو المهرجان الرئيسي الذي ينظم خلال موسم الصيف ، ويجذب أكثر من 2 مليون زائر سنويا.حيث تقام أكشاك الطعام ، والحفلات الموسيقية ، والمسيرات والعروض ، وركوب الخيل للأطفال والكبار ، وتقدم تجربة فريدة للحشود الموجودة كل يوم على امتداد بحيرة جنيف.
عندما يقترب المساء ، يقدم عرض رائع للألعاب النارية التي تضيء في الأفق وتختلف هذه العروض كل يوم وكل عرض يزداد جمالا عن العرض الذي يسبقه . وينتهي المهرجان بموكب رائع يتحرك على عجلات مزينة يقوده الراقصين والفرق الموسيقية .
رحلة عبر النهر
بعد الاسترخاء في جنيف قررنا زيارة لوزان عبر البحيرة , السفينة التي اقلعت بنا من مرفأ صغير قرب هوتيل بريستول قطعت الرحلة النهرية في اربع ساعات , لم نشعر بالوقت كيف مضي , ففي كل مدينة او قرية تتوقف فيها نلاحظ ايات اخري للجمال وحلاوة الطبيعة وورود الصيف وابتسامات الناس الفرحين بالعطلة الصيفية وعناق العشاق في كل مكان وتلاقي الازرق في الافق مابين الجبل والبحيرة وفوقهما السماء الزرقاء الصافية .
كروم العِـنب في لافو .. اسطورة !
مررنا اثناء الرحلة ايضا بحقول كروم العِـنب في لافو زرَعها الإنسان منذ العصور الوُسطى على ضِـفاف بحيرة ليمان، وقد جُعلت على شكْـل مُـدرّجات لتُـقاوِم شدّة انحِـدار الأرض في ذلك المكان، فجاءت آية من آيات الجمال ومشهدا رائعا، توسّـطت فيه البُـحيرة بين المدرّجات على ضفّـة، وجبال الألب على الضفّـة المقابلة، مما أعطى المدرّجات طابَـعها الفريد وزادها فِـتنة إلى فِـتنتها، وجعلها تُدرج بجدارة في عام 2007 ضِـمن قائمة منظمة اليونسكو للتُّـراث الإنساني العالمي.
تُـعتبر مدرّجات الكروم في لافو إحدى أجمل مناظر الطبيعة التي صنعها الإنسان في أوروبا، وجد فيها العديد من الفنّـانين ضالَّـتهم وكانت بالنِّـسبة لهم مصدر إلهامٍ واستجمام. فمن وليام تيرنر وأوسكار كوكوشكا إلى فردينان هودلر وشارلي شابلن، وهي اليوم أسطورة بدأتها الطبيعة منذ ملايين السِّـنين واستلَـم زِمامها كَـوكبة من أصحاب الذَّوق الرفيع في العصور الوسطى، ثم انتقلَـت إلى أجيال حافظت على أصالَـتها وأحاطتها بالرِّعاية والاهتمام.
في لوزان
ماهي الا ساعة اخري حتي وصلت بناء السفينة الي لوزان , تلك المدينة التي تستقبل السياح بترحاب حار , فهي مدينة صغيرة وجميلة جدا جاء بنائها على مرتفع تمتاز بمساحاتها الخضراء وطبيعتها الساحرة حيث موقع المدينة مطلا على بحيرة ليمان الهادئة ذات الأجواء الرومانسية الحالمة وهي أكبر بحيرة في أوربا الغربية.
تناولنا الغذاء في احد المطاعم الواقعة علي ضفاف البحيرة وكانت نسمات الهواء تهب علينا لحظة العصر , بعدها تجولنا علي الضفاف الجميل الهادئ وزرنا المتحف الاولمبي الكائن بمقر «اللجنة الاولمبية الدولية». و المطل الي البحيرة والتقطنا الصور التذكارية في حدائق المدينة التي كانت تعج بالزوار .
لوزان مدينة مدهشة، تتكون من 3 طوابق، وفي كل طابق من هذه الطوابق الجبلية، التي نحتها الإنسان لتكون منبسطات، توجد كل مستلزمات المدينة العصرية النموذجية، والشيء الغريب في مدينة لوزان، والتي هي عبارة عن 3 مدن في مدينة واحدة، ان الانتقال من الطابق الأسفل الى الطابق الثاني أو الثالث بالنسبة للمارة الذين يستعملون أقدامهم، لا يتطلب سوى دقائق قليلة، ففي كل شارع رئيسي تقريبا يوجد مصعد كهربائي واسع يستخدم لغرض الصعود أو النزول من والى هذه الطوابق.
وبالإمكان أيضا أن تلقي بنظرك من الطابق الثاني أو الثالث على الطابق الأرضي، وهكذا، فالمساحات بين هذه الطوابق ليست مغلقة، وانما هي مساحات مفتوحة وطبيعية، وتربطها طرق جبلية مخصصة لسير السيارات والعربات، وكذلك لسير الناس أيضا، لكن مشاق الصعود بالنسبة للكثيرين من هؤلاء الناس تجعلهم يختصرون الجهد والمسافة باستخدام المصاعد الكهربائية الموزعة في مركز المدينة.
فمن سواحلها يستطيع الزائر ان يرى تلك الجبال التي تفصل سويسرا عن فرنسا، وهي ربما لا تبلغ مسافة الوصول اليها عبر البحيرة الا بضعة كيلومترات فقط، الجبال مازالت تكتسي بطبقة من الثلج الأبيض، واذا ما وقع عليها ضوء الشمس، فإنها تبعث بألوان جميلة مختلطة ببياض الثلج.
تجري في لوزان 4 انهار هي Flon وLove وVuachere وRiolet وهذه الأنهار لها سحر ربما لا يوجد مثيل له في اوروبا، وفضلا عن كونها تخترق أجمل الأماكن الجبلية، وتصطف على جنباتها الغابات وأشجار الفواكه المختلفة فإنها ايضا موضع للنزهة والرياضة المائية والصيد.
أما مرافق المدينة الأثرية والسياحية فهي كثيرة، وجلها بني في القرون الوسطى، فمثلا كاتدرائية سانت ميد التي تعتبر تحفة تاريخية من التحف الفريدة في اوروبا قد بنيت عام 1405، وكذلك الحال بالنسبة الى كنيسة القديس لورانس وقصر Rumin الذي يدهش حتى أهل المدينة فكيف الحال بالنسبة للزوار الأجانب؟
وفي ميدان المدينة «سان فرانسوا» وكذلك في الساحات والشوارع الأخرى تنتشر المطاعم والمحلات التجارية والأسواق المختلفة، فعلى مقربة من جامعة لوزان تتوزع شوارع قديمة وضيقة وهي جذابة للغاية وفيها اسواق شعبية ممتعة، اما ساحة الجامعة الكبيرة، فتتحول في كل يوم سبت الى اسواق في الهواء الطلق.
بعد الجولة الرائعة في لوزان اتجهنا الي مونترو المجاورة بالسفينة و لمونترو حكاية اخري سوف نرويها لاحقا لانكم تعلمون انها هي المدينة الحالمة التي تعرف باسم الريفيرا الفرنسية