د. علي القحيص
يشكل الشباب منبع الأمل لأي دولة ومجتمع، وحجر الأساس في بناء المستقبل. فكلمة شباب تعني العمل والعطاء المستمر لحماية الوطن ومكتسباته. الشباب عامل القوة لأي مجتمع كان، فمن دون الطاقة الشبابية تصبح كل المشاريع المستقبلية مجرد خطط وكتابة على ورق، ومجرد أحلام وسراب، هم عنصر البناء أولاً وأخيراً، وسواعدهم تصون الوطن، وتحافظ على كرامته وأمنه واستقراره ومستقبله.
هذه الحقائق وضعتها القيادة الإماراتية المتبصرة والحكيمة نصب أعينها منذ الأيام الأولى لقيام الاتحاد، حيث أولت الشباب ما يستحقونه من الاهتمام والدعم والرعاية، انطلاقاً من أهمية الاستثمار في الإنسان الذي يعد اللبنة الأولى في أي بناء حضاري. تحتفل الإمارات بيوم الشباب العالمي في 12 أغسطس من كل عام، وإيماناً بأهمية دور الشباب في مسيرة التنمية والبناء والإزدهار، فقد أعطى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، جلّ اهتمامه ودعمه ورعايته لهذه الشريحة المهمة من المجتمع الإماراتي الفعّال، الذي يتميز بأنه مجتمع شاب، وذلك بتقديم كل ما من شأنه النهوض بالشباب، وتشجيعهم وتوفير احتياجاتهم واحتضان مواهبهم، ومتابعة مبادراتهم وتبنيها، وتعزيز مشاركتهم ككوادر وطنية في سوق العمل. وأشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أن «أبناء الإمارات هم أساس الوطن وعماده وثروته، وليس النفط، وسوف تكون استثماراتنا فيهم، وهم الاستثمار الحقيقي الدائم، ويجب تهيئة أرض الواقع لهم، وأرض الواقع هو العمل».
رؤية دولة الإمارات في التنمية الشاملة والمستدامة قائمة على رؤية صاحب السمو رئيس الدولة، التي تتلخص في أن الإنسان الإماراتي هو ركيزة التطور والتقدم، وأن الشباب المؤهل، علمياً وثقافياً، هو أساس مسيرة بناء الوطن، يحفظ مكتسباته، ويصون مقدراته. والشباب يُشكل في فكر سموه ليس العمل فقط، وإنما الانتماء للوطن والاعتزاز بأمتنا وديننا، فها هو يخاطب الشباب قائلاً في إحدى المناسبات: (فخورون بهذا الانتماء، وأن تلك الأوضاع المحيطة تحتم علينا قراءة الواقع برؤية واعية). ويؤكد سموه أهمية التواصل مع الثقافات والحضارات المختلفة والاستفادة من الخبرات والأعمال الريادية التي حققتها المجتمعات لكون هذا التواصل يساهم بشكل رئيس في بناء جسور الصداقة والتعاون، ويعزز بناء علاقات إنسانية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. كما دعا سموه مواصلة العمل وبذل المزيد من الجهود لاستكمال مسيرتهم العلمية، والاطلاع باستمرار على التطورات العلمية والاختراعات الجديدة والمشاركة الإيجابية والفعالة، في كل ما من شأنه تطوير وتعزيز الأبحاث العلمية والصناعات المتقدمة لخدمة الوطن. وكل مناسبة في يوم الشباب العالمي، يوجه جيلاً من الشابات والشباب الإماراتيين ويزودهم بكل ما يؤهلهم ليكونوا قادرين على تولي مناصب بارزة في القطاعات الأساسية وقيادة شراكات مهمة وقيادة العلاقات التجارية والصناعية والسياسية.
والحقيقة أن في دولة الإمارات اليوم، وبفضل قيادتها الواعية والرشيدة أصبحت هناك عشرات المؤسسات والهيئات المهنية تقوم بتوفير كل الدعم للشباب، لتحفيزهم وتشجيعهم على العطاء والتميز، والابتكار والإبداع، كي يساهموا في مسيرة التنمية والحضارة التي تشهدها الدولة في المجالات كافة. والحقيقة أننا لو دققنا في مسيرة الشباب الإماراتي في هذه البلد الناهض لوجدنا أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ظل مواكباً ومراقباً وداعماً ومشجعاً لمسيرة الشباب الظافرة، وأصبح ملهمهم في المجالات والصعد كافة، انطلاقاً من قناعته القائلة: «إن الاستثمار الناجح هو الاستثمار في الإنسان»، مستلهماً من فكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي ظل طوال حياته ينادي ويعمل من أجل بناء الجيل القادم، الذي سيكمل المسيرة، كما جاء في قوله:(لقد أسهم الآباء في بناء هذا الوطن، وواجبنا أن نبني للأجيال القادمة وأن نواصل مسيرة الأسلاف، وعلينا أن نستفيد من كافة الخبرات والتجارب دون خجل، نأخذ منها بقدر ما يفيدنا، ونحتاج إليه وبقدر ما يتفق مع تقاليدنا ومُثُلنا العربية).
*كاتب سعودي