شريفة الرئيسي
من أجل ضمان استمرارية الحياة، وتحسين جودتها وحماية مواردنا الطبيعية، يأتي الاستثمار في الاستدامة كنظرة نحو المستقبل، ومسؤولية مجتمعية تحتاج إلى المشاركة الوطنية لتعزيز بناء مستقبل أفضل للجميع.
وقد مثّل عام 2023 ذروة العمل المستدام في دولة الإمارات، باعتباره «عام الاستدامة»، وعام المبادرات والفعاليات والأنشطة المتنوّعة، والامتداد لتراث الإمارات في الممارسات المستدامة، وعام نشر الوعي بقضايا الاستدامة البيئية على المستويات كافة، الوطني والإقليمي والدولي، حتى وصلنا إلى الموعد المنتظر في شهرَي نوفمبر وديسمبر، عندما حلّ قادة دول العالم على أرض الإمارات ليُعلنوا من على أرض الدولة الاتفاق التاريخي لتوجّه العالم نحو التخلّي التدريجي عن استغلال الوقود الأحفوري، في إنجاز استثنائي لقمم المناخ، انتظره الجميع منذ سنوات وعقود طوال.
وركزت دولة الإمارات في عام 2023 على تطوير مبادراتها في مجالات الاستدامة، من الطاقة النظيفة والمتجدّدة، إلى النقل المستدام، إلى حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، بمراعاة عوامل التنمية لتحقيق الازدهار للمجتمع، ومعالجة تحديات الاستدامة في نظرة إلى «عالم الغد» ومستقبل الأجيال القادمة.
وقد تطور قطاع الطاقة المتجدّدة بشكل ملحوظ مع تدشين مشروعات ضخمة في 2023، ولِمَ لا، ودولة الإمارات من أهم دول العالم في الاستثمار في الطاقة المتجدّدة والنظيفة، إذ دشّنت محطة «الظفرة» للطاقة الشمسية الكهروضوئية، وهي أكبر محطة طاقة شمسية في موقع واحد على مستوى العالم، بقدرة إنتاجية قدرها 2 غيغاواط، إضافةً إلى مشروع «نور أبوظبي» للطاقة الشمسية الكهروضوئية، وبدء التشغيل التجاري لمحطة «براكة» للطاقة النووية، بهدف تعزيز أمن الطاقة، وخلق مزيج متنوع يسهم في خفض الانبعاثات، ويدعم التنمية الاقتصادية المستدامة، ويخفّف من آثار تغيّر المناخ على كوكب الأرض.
وبالانتقال إلى الاستدامة في قطاع النقل، كان النقل الصديقُ للبيئة ركيزةً أساسية في التنمية بالإمارات، حيث عهدت الدولة إلى تطوير خدماتها لمصلحة سكان الدولة وزوارها، لتسهيل المعيشة وتحسين جودة الحياة، بالعمل على جودة وسائل النقل والمواصلات المتوافرة في إمارات الدولة كافة، من مشروع «قطار الاتحاد» الرابط للإمارات السبع، إلى توسيع شبكة «مترو أبوظبي» لتصل إلى 100 كيلومتر بحلول عام 2030، إلى مبادرة «المسار الأخضر» لإنشاء شبكة للطرق السريعة الصديقة للبيئة، مع زيادة عدد السيارات الكهربائية في الدولة.
ولم تغفل الدولة عن مشروعات البيئة والتنوع البيولوجي، بما فيها من مبادرات قياس مؤشر جودة الهواء، ومبادرة الحياة البرية المستدامة، والمشروع الوطني لقائمة الأنواع المهدَّدة بالانقراض «القائمة الحمراء»، ومشروع «كنوز الطبيعة في دولة الإمارات»، ومبادرة إعادة تأهيل مناطق الحياة الساحلية والبحرية، ومشروع عزل الكربون، والاستراتيجية الوطنية للأنواع الغازية.
وخلال عام الاستدامة، عزّزت الدولة الاستدامةَ في كل القطاعات، حيث المدن المستدامة، ومبادرة «الاقتصاد الأخضر» التي تستهدف التحول إلى اقتصاد يعتمد على الموارد الطبيعية المتجدّدة، وكانت نتائج «عام الاستدامة» مبادرات وإنجازات عزّزت مكانتها كدولة رائدة في مجال الاستدامة، تُوّجت بقمة المناخ «كوب28»، واتفاق الإمارات التاريخي الذي يقود مسار العمل المناخي للحفاظ على البشرية وكوكب الأرض من تداعيات التغيرات المناخية. ( الاتحاد)
*باحث رئيسي – مدير الاستشارات البحثية-مركز تريندز للبحوث والاستشارات