د. علي القحيص
يتجاوب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع القضايا العربية بشكل منصف، ويسعى لتحقيق السلام والعدالة في المنطقة، ويعمل بنشاط على دعم الجهود الدولية لحل النزاعات، وتعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المتنازعة. وبالإضافة إلى ذلك، يدعم تحقيق التنمية المستدامة، وحقوق الإنسان في العالم، ويعمل على تعزيز حماية اللاجئين والنازحين.
وكنا قد تعودنا من منظمة الأمم المتحدة، ومن أمنائها السابقين، على مدى عقود زمنية مضت، أن مواقفها وتصريحاتها والقرارات الصادرة عنها غالباً ما تكون متخاذلة ضد القضايا العربية بشكل عام، رغم عدالة هذه القضايا ومشروعيتها. ولسبب أو آخر كان العرب يخسرون قضاياهم أمام المجتمع الدولي، وربما ساهم في ذلك ضعف التنسيق العربي، وعدم وجود رؤية استراتيجية موحدة.
لكن في هذه الفترة، وعلى غير العادة، أظهر غوتيريش تفهماً عميقاً للقضايا العربية، وأظهر مواقفَ منصفة في التعامل معها. ويبدو أن مواقفه تعكس الحرص على العدالة والسلام وحقوق الإنسان في المنطقة، والسعي لتحقيق تسوية سلمية للنزاعات، والمساعدة على التنمية المستدامة في العالم العربي.
لقد أدلى غوتيريش طوال الأشهر الأخيرة بتصريحات إيجابية وعادلة ومنصفة ومتوازنة، إزاء الحرب في قطاع غزة، فقد شجبها وأدانها ووصفها بأنها كارثة للشعب الفلسطيني في القطاع، وطالب بتفعيل المادة 99، وقال إن العقاب الجماعي غير مبرر، ودعا لحماية المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا وهجروا، وبعضهم لا يزال تحت الأنقاض، بسبب الحرب الدائرة هناك.
وأعرب غوتيريش عن دعمه لـ«حل الدولتين» بوصفه حلاً للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأكد أهمية التفاوض المباشر واحترام القرارات الدولية المتعلقة بالقضية، وقدم تأييده لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وسلمية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وبشكل عام، يعمل غوتيريش على تعزيز العدالة وحقوق الإنسان في القضايا العربية، وحل النزاعات بطرق سلمية ودبلوماسية، وهو يتعامل بشكل عادل ومنصف مع جميع الأطراف المعنية، ويسعى إلى تحقيق التوافق والتفاهم لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وإزاء هذه المواقف والتصريحات الإيجابية من قبل الأمين العام الأممي، يثور التساؤل: لماذا لا تنصفه وسائل الإعلام العربية وتهتم بإبراز مواقفه العادلة والمنصفة؟!
ينبغي أن يكون إعلامنا صادقاً ومنصفاً وشفافاً في وصف هذا الرجل، فكما هاجمت كثير من وسائلنا الإعلامية مَن سبقوه للمنصب، لأنهم تقاعسوا حيال قضايانا العربية، واليوم على الإعلام العربي أن يعطي هذا الرجل حقَّه من التقييم الإيجابي، تثميناً لمواقفه الإيجابية تجاه قضايانا.
لقد تميز موقف غوتيريش تجاه الحرب في غزة بالاعتدال والتوازن، فقد دعا إلى وقف العنف فوراً، ومن جميع الأطراف المتصارعة في قطاع غزة، وأكد ضرورة الحماية الكاملة للمدنيين، وقال إن العنف المستمر يزيد فقط من معاناة السكان العزّل. كما أكد أهمية الوصول الفوري وغير المحدود للمساعدات الإنسانية للسكان المتضررين، والعمل على تسهيل وصول المساعدات الطبية والغذائية لهم، وقال إن الحل الوحيد للنزاع في غزة هو الحوار والتفاوض الشامل، داعياً إلى إعادة إحياء جهود السلام، وإلى إيجاد حل سياسي يضمن الاستقرار والعدالة للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. كما طالب بإجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف في الأحداث التي وقعت، وأكد أهمية محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
*كاتب سعودي