د. علي القحيص
منذ انطلاقه في العاصمة أبوظبي، في سبتمبر 2003، برعاية ودعم من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ظل معرض الصيد والفروسية الدولي مصدر جذب للعارضين والمشاركين والزوار طوال مدة إقامته في أرض مركز المعارض بأبوظبي، بداية من مطلع شهر سبتمبر من كل عام.
ولم يتوقف المعرض، رغم الظروف والأحداث الإقليمية والدولية، بل زاد عدد الشركات والمؤسسات المشاركة في هذا المعرض الذي أصبح تظاهرةً تراثيةً كبرى في المنطقة والعالم، بل أصبح أهم وأكبر معرض صيد وفروسية في العالم كله، من حيث المساحة وحجم المشاركات وعدد العارضين والزوار، سواء من الدول الخليجية والعربية أو من الدول الأجنبية، وكذلك من حيث حجم المبيعات، وسط مشاركات فنية وفلكلورية متنوعة. لقد نجحت إدارة المعرض في تنويع وزيادة المشاركات التي لها علاقة بالصيد والفروسية، تجسيداً للأصالة واعتزازاً برياضة الآباء والأجداد.
وكما احتوى المعرض على أجنحة متنوعة ومساحات كبيرة لسيارات ومعدات وبنادق الصيد والفروسية، وقد فَتح البابَ أمام البحوث والدراسات في هذا المجال، وبالذات فيما يخص هواة الصيد من أبناء الخليج والمنطقة العربية. لقد بات معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية مصدرَ جذب وإلهام لكثير من هواة الصيد والفروسية وعشاق الرياضات التراثية الأكثر أهمية من نوعها في دول الخليج العربي، وذلك تعزيزاً للهوية الثقافية التراثية الوطنية.
ويمثل المعرضُ قصةَ نجاح متواصلة دون توقف لأكثر من عقدين من الزمن، وذلك لاهتمام دولة الإمارات بصون البيئة والمحافظة عليها، وبتشجيع الصيد المستدام وصون الموروث والمحافظة على البيئة والحياة الفطرية، ولتعزيز وعي الشباب والأجيال الجديدة بالتقاليد الإماراتية الأصيلة وترسيخها.
والمعرض حدثٌ ثقافيٌ وتراثي نوعي مبهر وممتع، لأهمية موقعه الجغرافي في المنطقة، ولنجاح إدارته في العرض والتنظيم، حيث وجد فيه العارضون ضالتَهم لإبراز اختراعاتهم.. وكل هذا أصبح محطَّ أنظار الخليجيين والعرب والعالم، وكل الذين يستقطبهم سنوياً هذا المعرض المتميز، حيث يأتي الزوارُ من عشاق الرياضات التراثية لأهل الإمارات والخليج، فيجدون ما يروق لهم من معدات وأدوات لرحلاتهم البرية والبحرية وطلعاتهم في الصحراء.
ومن هنا حرصت إمارة أبوظبي على المعرض وعلى تشجيعه ودعمه، إذ تنظر بفخر إلى تراث الآباء والأجداد، بما في ذلك أساليبهم في الفروسية والصيد وما تعكسه من قيم ومعاني إنسانية سامية ونبيلة.
وكل عام يزداد المعرض اتساعاً وخبرةً، ويزداد عدد العارضين والزوار من هواة الصيد والفروسية الذين تجذبهم بيئة المعرض، وخاصة رياضات الصيد والصقارة في صورتها المستدامة الصديقة للبيئة. وقد اهتمت الإمارات بالحفاظ على الصقور وضمان تكاثرها والمحافظة عليها من الانقراض، بما في ذلك الأنواع النادرة منها، لأنها تعد جزءاً من الهوية التراثية الثقافية الوطنية الأصيلة.
وكلما زرنا هذا المعرض المتميز، ننبهر بحجم المشاركات ونشعر بأننا في عالم آخر من الطمأنينة والارتياح، أي في بيئة صحراوية تختلف عما حولك من صخب وأحداث، ولذا يزوره عشاقُ الصيد والفروسية ليجدوا فيه البيئةَ الصحراويةَ البدويةَ المريحةَ التي يعيش فيها طائرُ الصقر الحر، الذي لا يطمئن إلا في مكان آمن ونظيف.
*كاتب سعودي